للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَكِنْ يَقُولُونَ أَيْضًا إنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَهَا وَلَكِنْ لَهُمْ فِيهَا تَخْلِيطٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ. وَكَذَلِكَ مَا ابْتَدَعُوهُ فِي الْخَبَرِيَّاتِ كَإِثْبَاتِ حُدُوثِ الْعَالَمِ بِطَرِيقَةِ الْأَعْرَاضِ وَاسْتِلْزَامِهَا لِلْأَجْسَامِ وَهُمْ يَنْفُونَ الصِّفَاتِ وَالْقَدَرَ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ " التَّوْحِيدَ وَالْعَدْلَ ". وَجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ وَأَتْبَاعُهُ هُمْ أَعْظَمُ نَفْيًا مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ يَنْفُونَ الْأَسْمَاءَ مَعَ الصِّفَاتِ وَهُمْ رُءُوسُ الْمُجَبِّرَةِ وَالْأَشْعَرِيَّةُ وَافَقَتْهُمْ فِي الْجَبْرِ؛ لَكِنْ نَازَعُوهُمْ نِزَاعًا لَفْظِيًّا فِي إثْبَاتِ الْكَسْبِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ هَذِهِ الْأُصُولَ الْعَقْلِيَّةَ - وَهِيَ الْعِلْمُ بِمَا يَجِبُ لِلرَّبِّ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَفْعَالِ - هِيَ أَعْظَمُ الْعُلُومِ وَأَشْرَفُهَا وَأَنَّهُمْ بَرَزُوا بِهَا عَلَى الصَّحَابَةِ وَأَنَّ النَّبِيَّ لَمْ يُعَلِّمْهَا الصَّحَابَةَ: إمَّا لِكَوْنِهِ وَكَّلَهَا إلَى اسْتِنْبَاطِ الْأُمَّةِ وَإِمَّا لِكَوْنِ الصَّحَابَةِ كَانُوا مَشْغُولِينَ عَنْهَا بِالْجِهَادِ وَإِمَّا لِكَوْنِهِ قَالَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يُبَلِّغُوهُ وَلَمْ يَشْغَلْهُمْ بِالْأَدِلَّةِ لِاشْتِغَالِهِمْ بِالْجِهَادِ. وَهَذِهِ هِيَ " الْأُصُولُ الْعَقْلِيَّةُ " الَّتِي يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهَا هُمْ وَمَنْ يُوَافِقُهُمْ كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَأَبِي الْمَعَالِي وَأَبِي الْوَلِيدِ الباجي تَبَعًا لِلْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَأَمْثَالِهِ وَهُوَ وَأَتْبَاعُهُ يُنَاقِضُونَ عَبْدَ الْجَبَّارِ وَأَمْثَالَهُ كَمَا نَاقَضَ الْأَشْعَرِيُّ وَأَمْثَالُهُ أَبَا عَلِيٍّ وَأَبَا هَاشِمٍ.