هَلْ رَأَيْت رَبَّك؟ فَقَالَ: لَا. وَسَأَلَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: نَعَمْ} . " وَأَنَّهُ أَجَابَ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ بِجَوَابَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ لِاخْتِلَافِ حَالِ السَّائِلَيْنِ " فَهَذَا مِنْ كَلَامِ الْكَذَّابِينَ الْمُفْتَرِينَ؛ بَلْ هُوَ مِنْ كَلَامِ الْمَلَاحِدَةِ الْمُنَافِقِينَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ {مَا يَنْبَغِي لِنَبِيِّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ} وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ {وَكَانَ عَامَ الْفَتْحِ قَدْ أَهْدَرَ دَمَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ابْنُ أَبِي سَرْحٍ فَجَاءَ بِهِ عُثْمَانُ لِيُبَايِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ بَايَعَهُ ثُمَّ قَالَ: أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَنْظُرُ إلَيَّ وَقَدْ أَعْرَضْت عَنْ هَذَا فَيَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَلَّا أَوْمَضْت إلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: مَا يَنْبَغِي لِنَبِيِّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ} وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي اسْتِوَاءِ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَسِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ وَأَنَّهُ لَا يُبْطِنُ خِلَافَ مَا يُظْهِرُ عَلَى عَادَةِ الْمَكَّارِينَ الْمُنَافِقِينَ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْقَرَامِطَةَ وَأَمْثَالَهُمْ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ يَقُولُونَ: إنَّهُ أَظْهَرَ خِلَافَ مَا أَبْطَنَ وَأَنَّهُ خَاطَبَ الْعَامَّةَ بِأُمُورِ أَرَادَ بِهَا خِلَافَ مَا أَفْهَمَهُمْ لِأَجْلِ مَصْلَحَتِهِمْ؛ إذْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ صَلَاحُهُمْ إلَّا بِهَذَا الطَّرِيقِ وَقَدْ زَعَمَ ذَلِكَ ابْنُ سِينَا وَأَصْحَابُ " رَسَائِلِ إخْوَانِ الصَّفَا " وَأَمْثَالُهُمْ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ وَالْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ؛ فَإِنَّ ابْنَ سِينَا كَانَ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ مِنْ أَتْبَاعِ الْحَاكِمِ القرمطي العبيدي الَّذِي كَانَ بِمِصْرِ. وَقَوْلُ هَؤُلَاءِ كَمَا أَنَّهُ مِنْ أَكْفَرِ الْأَقْوَالِ فَجَهْلُهُمْ مِنْ أَعْظَمِ الْجَهْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute