وَلِهَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَوْ أَخْبَرَكُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّكُمْ تَقْتُلُونَ خَلِيفَتَكُمْ وَتَفْعَلُونَ كَذَا وَكَذَا لَقُلْتُمْ كَذَبَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَإِظْهَارُ مِثْلِ هَذَا مِمَّا تَكْرَهُهُ الْمُلُوكُ وَأَعْوَانُهُمْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِخْبَارِ بِتَغَيُّرِ دُوَلِهِمْ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ هَذَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ إنَّمَا أَسْلَمَ عَامَ خَيْبَرَ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ وَلَا مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ وَغَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ أَعْلَمُ بِحَقَائِقِ الدِّينِ مِنْهُ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُهُ وَغَيْرَهُ بِالْحَدِيثِ فَيَسْمَعُونَهُ كُلُّهُمْ وَلَكِنْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَحْفَظَهُمْ لِلْحَدِيثِ بِبَرَكَةِ حَصَلَتْ لَهُ مِنْ جِهَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ {النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ حَدِيثًا فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَبْسُطُ ثَوْبَهُ فَلَا يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ} وَقَدْ رُوِيَ " أَنَّهُ كَانَ يُجَزِّئُ اللَّيْلَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ: ثُلُثًا يُصَلِّي وَثُلُثًا يَنَامُ وَثُلُثًا يَدْرُسُ الْحَدِيثَ " وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ قَطُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثًا يُوَافِقُ الْبَاطِنِيَّةَ وَلَا حَدِيثًا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ الْمَعْلُومَ مِنْ الدِّينِ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ أَنْ يَنْقُلَ عَنْهُ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْهُ بَلْ النُّقُولُ الْمُتَوَاتِرَةُ عَنْهُ كُلُّهَا تُصَدِّقُ مَا ظَهَرَ مِنْ الدِّينِ وَقَدْ رَوَى مِنْ أَحَادِيثِ صِفَاتِ اللَّهِ وَصِفَاتِ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَتَحْقِيقِ الْعِبَادَاتِ مَا يُوَافِقُ أُصُولَ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَيُخَالِفُ قَوْلَ أَهْلِ الْبُهْتَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute