للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِذَا كَانَ التَّأْوِيلُ لِلْكِتَابِ كُلِّهِ وَالْمُرَادُ بِهِ ذَلِكَ ارْتَفَعَتْ الشُّبْهَةُ وَصَارَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إلَى قَوْلِهِ: {إنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ} وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ عِلْمُهَا إلَّا عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا هُوَ عِلْمُ وَقْتِهَا الْمُعَيَّنِ وَحَقِيقَتِهَا وَإِلَّا فَنَحْنُ قَدْ عَلِمْنَا مِنْ صِفَاتِهَا مَا أَخْبَرَنَا بِهِ. فَعِلْمُ تَأْوِيلِهِ كَعِلْمِ السَّاعَةِ وَالسَّاعَةُ مِنْ تَأْوِيلِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ بَيِّنٌ. وَلَا يُنَافِي كَوْنَ عِلْمِ السَّاعَةِ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ نَعْلَمَ مِنْ صِفَاتِهَا وَأَحْوَالِهَا مَا عَلِمْنَاهُ وَأَنْ نُفَسِّرَ النُّصُوصَ الْمُبَيِّنَةَ لِأَحْوَالِهَا فَهَذَا هَذَا. وَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ عَائِدًا إلَى مَا تَشَابَهَ كَمَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَلِأَنَّ الْمُخْبَرَ بِهِ مِنْ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ مُتَشَابِهٌ بِخِلَافِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَلِهَذَا فِي الْآثَارِ: " الْعَمَلُ بِمُحْكَمِهِ وَالْإِيمَانُ بِمُتَشَابِهِهِ " لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْخَبَرِ الْإِيمَانُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُخْبَرَ بِهِ مِنْ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ فِيهِ مِنْ التَّشَابُهِ مَا ذَكَرْنَاهُ بِخِلَافِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: " الْمُتَشَابِهُ " الْأَمْثَالُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ و " الْمُحْكَمُ " الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ فَإِنَّهُ مُتَمَيِّزٌ غَيْرُ مُشْتَبِهٍ بِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ أُمُورٌ نَفْعَلُهَا قَدْ عَلِمْنَاهَا بِالْوُقُوعِ وَأُمُورٌ نَتْرُكُهَا لَا بُدَّ أَنْ نَتَصَوَّرَهَا.