للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَكَانَتْ هَذِهِ الْأُمَمُ الْمُكَذِّبَةُ لِلرُّسُلِ الْمُشْرِكَةُ بِالرَّبِّ مُقِرَّةً بِاَللَّهِ وَبِمَلَائِكَتِهِ فَكَيْفَ بِمَنْ سِوَاهُمْ؟ فَعَلِمَ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالرَّبِّ وَمَلَائِكَتِهِ مَعْرُوفٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْأُمَمِ؛ فَلِهَذَا لَمْ يُقْسِمْ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَقْسَمَ عَلَى التَّوْحِيدِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ مُشْرِكُونَ. وَكَذَلِكَ (الذَّارِيَاتُ) و (الْحَامِلَاتُ) و (الْجَارِيَاتُ) هِيَ أُمُورٌ مَشْهُودَةٌ لِلنَّاسِ و (الْمُقَسِّمَاتُ) أَمْرًا هُمْ الْمَلَائِكَةُ فَلَمْ يَكُنْ فِيمَا أَقْسَمَ بِهِ مَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ؛ فَذَكَرَ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ. فَقَالَ تَعَالَى: {إنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ} {وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ}. و (الْمُرْسَلَاتُ) سَوَاءٌ كَانَتْ هِيَ الْمَلَائِكَةَ النَّازِلَةَ بِالْوَحْيِ وَالْمُقْسَمُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ فِي الْآخِرَةِ أَوْ الرِّيَاحَ أَوْ هَذَا وَهَذَا؛ فَهِيَ مَعْلُومَةٌ أَيْضًا. وَأَمَّا (النَّازِعَاتُ غَرْقًا) فَهِيَ الْمَلَائِكَةُ الْقَابِضَةُ لِلْأَرْوَاحِ وَهَذَا يَتَضَمَّنُ الْجَزَاءَ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ. قَالَ تَعَالَى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} {ثُمَّ رُدُّوا إلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ}. . . (١) هُوَ، وَلَا يُعِينُ عَلَى عِبَادَتِهِ إلَّا هُوَ وَهَذَا يَقِينٌ يُعْطِي الِاسْتِعَانَةَ وَالتَّوَكُّلَ،


(١) سقط بالأصل