وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ يَدَّعُونَ عِلْمَ الْحَقِيقَةِ وَيَقُولُونَ؛ الْحَقِيقَةُ لَوْنٌ وَالشَّرِيعَةُ لَوْنٌ آخَرُ وَيَجْمَعُهُمْ شَيْئَانِ: أَنَّ لَهُمْ تَصَرُّفًا وَكَشْفًا خَارِجًا عَنْ مَا لِلْعَامَّةِ وَأَنَّهُمْ مُعْرِضُونَ عَنْ وَزْنِ ذَلِكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَتَحْكِيمِ الرَّسُولِ فِي ذَلِكَ؛ فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُلُوكِ الَّذِينَ لَهُمْ مُلْكٌ يَسُوسُونَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ لَكِنَّ الْمُلُوكَ لَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِذَلِكَ وَلَا أَنِّي وَلِيُّ اللَّهِ وَلَا أَنَّ لِي مَادَّةً مِنْ اللَّهِ خَارِجَةً عَنْ الرَّسُولِ وَلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَمْ تُبْعَثْ إلَى مِثْلِي وَإِنَّمَا الْمُلُوكُ يَقْصِدُونَ أَغْرَاضَهُمْ وَلَا يَجْعَلُونَهَا دِينًا. وَهَؤُلَاءِ يَجْعَلُونَ أَغْرَاضَهُمْ الَّتِي هِيَ مِنْ أَعْظَمِ الظُّلْمِ وَالْفَسَادِ بَلْ وَالْكُفْرِ يَجْعَلُونَ ذَلِكَ دِينًا يَدِينُ بِهِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ إنَّمَا تَحْصُلُ لَهُمْ بِنَوْعِ مِنْ الزَّهَادَةِ وَالْعِبَادَةِ؛ وَلَكِنْ لَيْسَ هُوَ الزُّهْدَ وَالْعِبَادَةَ الَّتِي بَعَثَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ؛ بَلْ يُشْبِهُهُ حَالُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مِنْ عُبَّادِ الْهِنْدِ وَالنَّصَارَى وَأَمْثَالِهِمْ. وَلِهَذَا تَظْهَرُ مُشَابَهَتُهُمْ لِعُبَّادِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى أَنَّ مَنْ رَأَى عُبَّادَ الْهُنُودِ ثُمَّ رَأَى مُوَلَّهِي بَيْتِ الرِّفَاعِيِّ أَنْكَرَ وُجُودَ هَؤُلَاءِ فِي دِيَارِ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ: هَؤُلَاءِ مِثْلُ عُبَّادِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ الْهِنْدِ سَوَاءٌ وَأَرْفَعُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute