للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ قَالَ: فَارْفَعْ بِحَقِّك إنِّي مِنْ الْبَيْنِ بِمَعْنَى أَنْ يَرْفَعَ هُوَ نَفْسَهُ فَلَا يَتَّبِعُ هَوَاهُ وَلَا يَتَوَكَّلُ عَلَى نَفْسِهِ وَحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ بَلْ يَكُونُ عَمَلُهُ لِلَّهِ لَا لِهَوَاهُ وَعَمَلُهُ بِاَللَّهِ وَبِقُوَّتِهِ لَا بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فَهَذَا حَقٌّ مَحْمُودٌ. وَهَذَا كَمَا يُحْكَى عَنْ أَبِي يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْت رَبَّ الْعِزَّةِ فِي الْمَنَامِ فَقُلْت: خدايي كَيْفَ الطَّرِيقُ إلَيْك؟ قَالَ: اُتْرُكْ نَفْسَك وَتَعَالَ - أَيْ اُتْرُكْ اتِّبَاعَ هَوَاك وَالِاعْتِمَادَ عَلَى نَفْسِك - فَيَكُونُ عَمَلُك لِلَّهِ وَاسْتِعَانَتُك بِاَللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} .

وَالْقَوْلُ الْمَحْكِيُّ عَنْ ابْنِ عَرَبِيٍّ: وَبِي حَلَفْت وَأَنَّ الْمُقْسِمَ اللَّهُ هُوَ أَيْضًا مِنْ إلْحَادِهِمْ وَإِفْكِهِمْ: جَعَلَ نَفْسَهُ حَالِفَةً بِنَفْسِهِ وَجَعَلَ الْحَالِفَ هُوَ اللَّهُ فَهُوَ الْحَالِفُ وَالْمَحْلُوفُ بِهِ كَمَا يَقُولُونَ: أَرْسَلَ مِنْ نَفْسِهِ إلَى نَفْسِهِ رَسُولًا بِنَفْسِهِ فَهُوَ الْمُرْسَلُ وَالْمُرْسَلُ إلَيْهِ وَالرَّسُولُ. وَكَمَا قَالَ ابْنُ الْفَارِضِ فِي قَصِيدَتِهِ نَظْمِ السُّلُوكِ:

لَهَا صَلَوَاتِي بِالْمَقَامِ أُقِيمُهَا … وَأَشْهَدُ فِيهَا أَنَّهَا لِي صَلَّتْ

كِلَانَا مُصَلٍّ وَاحِدٌ سَاجِدٌ إلَى … حَقِيقَتِهِ بِالْجَمْعِ فِي كُلِّ سَجْدَةِ