رَوَاهُ أَحْمَد مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ. وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: فِي خَمْسٍ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى سَبْعٍ فَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ انْتَهَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى سَبْعٍ كَمَا أَنَّهُ أَمَرَهُ ابْتِدَاءً بِقِرَاءَتِهِ فِي الشَّهْرِ فَجَعَلَ الْحَدَّ مَا بَيْنَ الشَّهْرِ إلَى الْأُسْبُوعِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ أَمَرَهُ ابْتِدَاءً أَنْ يَقْرَأَهُ فِي أَرْبَعِينَ وَهَذَا فِي طَرَفِ السَّعَةِ يُنَاظِرُ التَّثْلِيثَ فِي طَرَفِ الِاجْتِهَادِ. وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى: " {مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ لَمْ يَفْقَهْ} " فَلَا تُنَافِي رِوَايَةَ التَّسْبِيعِ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ أَمْرًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَلَا فِيهِ أَنَّهُ جَعَلَ قِرَاءَتَهُ فِي ثَلَاثٍ دَائِمًا سُنَّةً مَشْرُوعَةً وَإِنَّمَا فِيهِ الْإِخْبَارُ بِأَنَّ مَنْ قَرَأَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ لَمْ يَفْقَهْ وَمَفْهُومُهُ مَفْهُومُ الْعَدَدِ وَهُوَ مَفْهُومٌ صَحِيحٌ أَنَّ مَنْ قَرَأَهُ فِي ثَلَاثٍ فَصَاعِدًا فَحُكْمُهُ نَقِيضُ ذَلِكَ وَالتَّنَاقُضُ يَكُونُ بِالْمُخَالَفَةِ وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ. فَإِذَا كَانَ مَنْ يَقْرَؤُهُ فِي ثَلَاثٍ أَحْيَانًا قَدْ يَفْقَهُهُ حَصَلَ مَقْصُودُ الْحَدِيثِ وَلَا يَلْزَمُ إذَا شُرِعَ فِعْلُ ذَلِكَ أَحْيَانًا لِبَعْضِ النَّاسِ أَنْ يَكُونَ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَحَبَّةً؛ وَلِهَذَا لَمْ يُعْلَمْ فِي الصَّحَابَةِ عَلَى عَهْدِهِ مَنْ دَاوَمَ عَلَى ذَلِكَ أَعْنِي عَلَى قِرَاءَتِهِ دَائِمًا فِيمَا دُونَ السَّبْعِ وَلِهَذَا كَانَ الْإِمَامُ أَحْمَد - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقْرَؤُهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute