وَأَمَّا وُجُودُ الْمَانِعِ الْمُضَادِّ لَهُ الْمُنَافِي فَلِأَنَّ نَفْسَهُ قَدْ تَضِيقُ وَتَضْعُفُ وَتَعْجِزُ أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ أَفْعَالٍ مُمْكِنَةٍ فِي نَفْسِهَا مُتَنَافِيَةٍ فِي حَقِّهِ فَإِذَا اشْتَغَلَ بِسَمْعِ شَيْءٍ أَوْ بَصَرِهِ أَوْ الْكَلَامِ فِي شَيْءٍ أَوْ النَّظَرِ فِيهِ أَوْ إرَادَتِهِ أَوْ اشْتَغَلَتْ جَوَارِحُهُ بِعَمَلِ كَثِيرٍ اشْتَغَلَتْ عَنْ عَمَلٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لِضِيقِهِ وَعَجْزِهِ؛ فَصَارَ قِيَامُ إحْدَى الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ بِهِ مَانِعًا وَصَادًّا عَنْ آخَرَ. وَالضِّيقُ وَالْعَجْزُ يَعُودُ إلَى عَدَمِ قُدْرَتِهِ فَعَادَ إلَى الْعَدَمِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ وَالْعَدَمُ الْمَحْضُ لَيْسَ بِشَيْءِ حَتَّى يُضَافَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا إنْ كَانَ الشَّيْءُ مَوْجُودًا كَالْأَلَمِ وَسَبَبِ الْأَلَمِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ الشَّرَّ الْمَوْجُودَ لَيْسَ شَرًّا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَا شَرًّا مَحْضًا وَإِنَّمَا هُوَ شَرٌّ فِي حَقِّ مَنْ تَأَلَّمَ بِهِ وَقَدْ تَكُونُ مَصَائِبُ قَوْمٍ عِنْدَ قَوْمٍ فَوَائِدَ. وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ مُسَلْسَلًا {آمَنْت بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ} وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد: {لَوْ أَنْفَقْت مِلْءَ الْأَرْضِ ذَهَبًا لَمَا قَبِلَهُ مِنْك حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَك لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَك وَمَا أَخْطَأَك لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَك} فَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ هُمَا بِحَسَبِ الْعَبْدِ الْمُضَافِ إلَيْهِ كَالْحُلْوِ وَالْمُرِّ سَوَاءٌ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَأَلَّمْ بِالشَّيْءِ لَيْسَ فِي حَقِّهِ شَرًّا وَمَنْ تَنَعَّمَ بِهِ فَهُوَ فِي حَقِّهِ خَيْرٌ كَمَا {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ مَنْ قَصَّ عَلَيْهِ أَخُوهُ رُؤْيَا أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute