للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِيهِ وُجُودٌ فَذَاكَ الْوُجُودُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ وَلَوْ كَانَ سَبَبُهُ تَامًّا وَهُوَ قَابِلٌ لَمَا دَخَلَ فِيهِ عَدَمٌ؛ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ السَّبَبُ تَامًّا وَالْمَحَلُّ قَابِلًا وَجَبَ وُجُودُ الْمُسَبِّبِ فَحَيْثُ كَانَ فِيهِ عَدَمٌ فَلِعَدَمِ مَا فِي السَّبَبِ أَوْ فِي الْمَحَلِّ فَلَا يَكُونُ وُجُودًا مَحْضًا. فَظَهَرَ أَنَّ السَّبَبَ حَيْثُ تَخَلَّفَ حُكْمُهُ إنْ كَانَ لِفَوَاتِ شَرْطٍ فَهُوَ عَدَمٌ وَإِنْ كَانَ لِوُجُودِ مَانِعٍ فَإِنَّمَا صَارَ مَانِعًا لِضِعْفِ السَّبَبِ وَهُوَ أَيْضًا عَدَمُ قُوَّتِهِ وَكَمَالِهِ فَظَهَرَ أَنَّ الْوُجُودَ لَيْسَ سَبَبَ الْعَدَمِ الْمَحْضِ وَظَهَرَ بِذَلِكَ الْقِسْمَةُ الرُّبَاعِيَّةُ وَهِيَ أَنَّ الْوُجُودَ الْمَحْضَ لَا يَكُونُ إلَّا خَيْرًا. يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ شَرًّ فِي الْعَالَمِ لَا يَخْرُجُ عَنْ قِسْمَيْنِ إمَّا أَلَمٌ وَإِمَّا سَبَبُ الْأَلَمِ وَسَبَبُ الْأَلَمِ مِثْلُ الْأَفْعَالِ السَّيِّئَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْعَذَابِ وَالْأَلَمِ الْمَوْجُودِ لَا يَكُونُ إلَّا لِنَوْعِ عَدَمٍ فَكَمَا يَكُونُ سَبَبُهُ تَفَرُّقُ الِاتِّصَالِ؛ وَتَفَرُّقُ الِاتِّصَالِ هُوَ عَدَمُ التَّأْلِيفِ وَالِاتِّصَالِ الَّذِي بَيْنَهُمَا وَهُوَ الشَّرُّ وَالْفَسَادُ. وَأَمَّا سَبَبُ الْأَلَمِ فَقَدْ قَرَّرْت فِي " قَاعِدَةٍ كَبِيرَةٍ " أَنَّ أَصْلَ الذُّنُوبِ هُوَ عَدَمُ الْوَاجِبَاتِ لَا فِعْلَ الْمُحَرَّمَات وَأَنَّ فِعْلَ الْمُحَرَّمَاتِ إنَّمَا وَقَعَ لِعَدَمِ الْوَاجِبَاتِ فَصَارَ أَصْلُ الذُّنُوبِ عَدَمَ الْوَاجِبَاتِ وَأَصْلُ الْأَلَمِ