لَا يَضْمَنُونَ فَالْمُسْلِمُونَ الْمُتَأَوِّلُونَ أَوْلَى أَنْ لَا يَضْمَنُوا. وَدَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ هَذَا الضَّمَانَ عَلَى مَجْمُوعِ الطَّائِفَةِ يَسْتَوِي فِيهِ الرِّدْءُ وَالْمُبَاشِرُ لَا يُقَالُ: اُنْظُرُوا مَنْ قَتَلَ صَاحِبَكُمْ هَذَا فَطَالِبُوهُ بِدِيَتِهِ بَلْ يُقَالُ: دِيَتُهُ عَلَيْكُمْ كُلِّكُمْ فَإِنَّكُمْ جَمِيعًا قَتَلْتُمُوهُ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ إنَّمَا تَمَكَّنَ بِمُعَاوَنَةِ الرَّدْءِ لَهُ وَعَلَى هَذَا دَلَّ قَوْلُهُ: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} فَإِنَّ أُولَئِكَ الْكُفَّارَ كَانَ عَلَيْهِمْ مِثْلُ صَدَاقِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الَّتِي ذَهَبَتْ إلَيْهِمْ فَإِذَا لَمْ يُؤَدُّوهُ أُخِذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ الَّتِي يَقْدِرُ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهَا مِثْلُ امْرَأَةٍ جَاءَتْ مِنْهُمْ يَسْتَحِقُّونَ صَدَاقَهَا فَيُعْطِي الْمُسْلِمُ زَوْجَ تِلْكَ الْمُرْتَدَّةِ صَدَاقَهَا مِنْ صَدَاقِ هَذِهِ الْمُسْلِمَةِ الْمُهَاجِرَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهُ الْكُفَّارُ لِكَوْنِهَا أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ وَفَوَّتَتْ زَوْجَهَا بُضْعَهَا كَمَا فَوَّتَتْ الْمُرْتَدَّةُ بُضْعَهَا لِزَوْجِهَا وَإِنْ كَانَ زَوْجُ الْمُهَاجِرَةِ لَيْسَ هُوَ الَّذِي تَزَوَّجَ بِالْمُرْتَدَّةِ لِأَنَّ الطَّائِفَةَ لَمَّا كَانَتْ مُمْتَنِعَةً يَمْنَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا صَارَتْ كَالشَّخْصِ الْوَاحِدِ. وَلِهَذَا لَمَّا قَتَلَ خَالِدٌ مَنْ قَتَلَ مِنْ بَنِي جذيمة وَدَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ؛ لِأَنَّ خَالِدًا نَائِبُهُ وَهُوَ لَا يُمْكِنُهُمْ مِنْ مُطَالَبَتِهِ وَحَبْسِهِ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ وَكَذَلِكَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ وَعَاقِلَتُهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ لِأَنَّهُ قَتَلَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْجِهَادِ لَا لِعَدَاوَةِ تَخُصُّهُ وَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي خَطَأِ وَلِيِّ الْأَمْرِ هَلْ هُوَ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَى ذِمَّتِهِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute