للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَقْرُونًا لِأَنَّ الْخَيْرَ مِنْ بَابِ الْمَطْلُوبِ وُجُودُهُ لِمَنْفَعَتِهِ فَقَدْ لَا تَحْصُلُ الْمَنْفَعَةُ إلَّا بِتَمَامِهِ وَالشَّرَّ يُطْلَبُ عَدَمُهُ لِمَضَرَّتِهِ وَبَعْضُ الْمَضَارِّ يَضُرُّ فِي الْجُمْلَةِ غَالِبًا وَلِهَذَا فُرِّقَ فِي الْأَسْمَاءِ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ فَإِذَا أَمَرَ بِالشَّيْءِ اقْتَضَى كَمَالِهِ وَإِذَا نَهَى عَنْهُ اقْتَضَى النَّهْيَ عَنْ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ وَلِهَذَا حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ بِالنِّكَاحِ - كَمَا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَكَمَا فِي الْإِحْصَانِ - فَلَا بُدَّ مِنْ الْكَمَالِ بِالْعَقْدِ وَالدُّخُولِ وَحَيْثُ نَهَى عَنْهُ كَمَا فِي ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ فَالنَّهْيُ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد الْمَنْصُوصُ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَن لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِالْعُقْدَةِ وَالدُّخُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْعُقْدَةِ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا حَنِثَ بِفِعْلِ بَعْضِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَيَفْعَلَنهُ فَإِنَّ دَلَالَةَ الِاسْمِ عَلَى كُلٍّ وَبَعْضٍ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ. وَلِهَذَا لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِالطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ كَانَ الْوَاجِبُ الْإِتْمَامَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} وَقَالَ: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى.} وَلَمَّا نَهَى عَنْ الْقَتْلِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ كَانَ نَاهِيًا عَنْ أَبْعَاضِ ذَلِكَ؛ بَلْ وَعَنْ مُقَدِّمَاتِهِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الِاسْمُ لَا يَتَنَاوَلُهُ فِي الْإِثْبَاتِ وَلِهَذَا فَرَّقَ فِي الْأَسْمَاءِ النَّكِرَاتِ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَالْأَفْعَالُ كُلُّهَا