للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَعْلُومَ فَاَللَّهُ يَعْلَمُ مِمَّنْ اسْتَطَاعَ الْحَجَّ وَالْقِيَامَ وَالصِّيَامَ أَنَّهُ مُسْتَطِيعٌ وَيَعْلَمُ أَنَّ هَذَا مُسْتَطِيعٌ يَفْعَلُ مُسْتَطَاعَهُ فَالْمَعْلُومُ هُوَ عَدَمُ الْفِعْلِ لِعَدَمِ إرَادَةِ الْعَبْدِ؛ لَا لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ كَالْمَقْدُورَاتِ لَهُ الَّتِي يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهَا لِعَدَمِ إرَادَتِهِ لَهَا لَا لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا وَالْعَبْدُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ مَعَ الْقُدْرَةِ؛ وَلِهَذَا يُعَذِّبُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُ بِمَا اسْتَطَاعَ لَا بِمَا لَا يَسْتَطِيعُ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ لَمْ يَأْمُرْهُ وَلَا يُعَذِّبْهُ عَلَى مَا لَمْ يَسْتَطِعْهُ. وَإِذَا قِيلَ: فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى تَغْيِيرِ عِلْمِ اللَّهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْفِعْلِ قَدَرَ عَلَى تَغْيِيرِ عِلْمِ اللَّهِ. قِيلَ: هَذِهِ مَغْلَطَةٌ؛ وَذَلِكَ أَنَّ مُجَرَّدَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْفِعْلِ لَا يَلْزَمُ فِيهَا تَغْيِيرُ الْعِلْمِ وَإِنَّمَا يَظُنُّ مَنْ يَظُنُّ تَغْيِيرَ الْعِلْمِ إذَا وَقَعَ الْفِعْلُ وَلَوْ وَقَعَ الْفِعْلُ لَكَانَ الْمَعْلُومُ وُقُوعَهُ؛ لَا عَدَمَ وُقُوعِهِ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَحْصُلَ وُقُوعُ الْفِعْلِ مَعَ عِلْمِ اللَّهِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ؛ بَلْ إنْ وَقَعَ كَانَ اللَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ يَقَعُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ كَانَ اللَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ وَنَحْنُ لَا نَعْرِفُ عِلْمَ اللَّهِ إلَّا بِمَا يَظْهَرُ وَعِلْمُ اللَّهِ مُطَابِقٌ لِلْوَاقِعِ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَقَعَ شَيْءٌ يَسْتَلْزِمُ تَغْيِيرَ الْعِلْمِ بَلْ أَيُّ شَيْءٍ وَقَعَ كَانَ هُوَ الْمَعْلُومُ وَالْعَبْدُ الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءِ يُغَيِّرُ الْعِلْمَ؛ بَلْ هُوَ قَادِرٌ عَلَى فِعْلِ مَا لَمْ يَقَعْ