للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّمْحَةِ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَفْعَلُ شَيْئًا نَاسِيًا أَوْ مُخْطِئًا وَيَكُونُ لِتَقْصِيرِهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ عِلْمًا وَعَمَلًا لَا يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ مَرْفُوعٌ عَنْهُ؛ إمَّا لِجَهْلِهِ وَإِمَّا لِكَوْنِهِ لَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يُفْتِيهِ بِالرُّخْصَةِ فِي الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ. وَالْعُلَمَاءُ قَدْ تَنَازَعُوا فِي كَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَاعْتَقَدَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ بُطْلَانَ الْعِبَادَاتِ أَوْ بَعْضِهَا بِهِ كَمَنْ يُبْطِلُ الصَّوْمَ بِالنِّسْيَانِ وَآخَرُونَ بِالْخَطَأِ وَكَذَلِكَ الْإِحْرَامُ وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ إذَا فَعَلَ الْمَخْلُوقُ عَلَيْهِ نَاسِيًا أَوْ مُخْطِئًا فَإِذَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ نَفَى الْمُؤَاخَذَةَ بِالْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَخَفِيَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ كَانَ هَذَا عُقُوبَةً لِمَنْ لَمْ يَجِدْ فِي نَفْسِهِ ثِقَةً إلَّا هَؤُلَاءِ فَيُفْتُونَهُ بِمَا يَقْتَضِي مُؤَاخَذَتَهُ بِالْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ فَلَا يَكُونُ مُقْتَضَى هَذَا الدُّعَاءِ حَاصِلًا فِي حَقِّهِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ لَا لِنَسْخِ الشَّرِيعَةِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ مِمَّا يُعَاقِبُ بِهِ النَّاسَ عَلَى الذُّنُوبِ سَلْبَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ النَّافِعِ كَقَوْلِهِ: {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} وَقَالَ: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ} وَقَالَ: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ} {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} وَقَالَ: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} وَقَالَ: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}