الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْحِلِّ كَانَ عَجْزُهُ سَبَبًا لِلتَّحْرِيمِ فِي حَقِّ الْمُقَصِّرِينَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ. وَكَذَلِكَ اعْتَقَدُوا تَحْرِيمَ كَثِيرٍ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا كَضَمَانِ الْبَسَاتِينِ وَالْمُشَارَكَاتِ وَغَيْرِهَا وَذَلِكَ لِخَفَاءِ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ فَثَبَتَ التَّحْرِيمُ فِي حَقِّهِمْ بِمَا ظَنُّوهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ يُعَاقَبُ بِأَنْ يُخْفَى عَلَيْهِ مِنْ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ وَالشَّرَابِ الطَّيِّبِ مَا هُوَ مَوْجُودٌ وَهُوَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ لَوْ عَلِمَهُ؛ لَكِنْ لَا يَعْرِفُ بِذَلِكَ عُقُوبَةً لَهُ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} فَهُوَ سُبْحَانَهُ إنَّمَا ضَمِنَ الْأَشْيَاءَ عَلَى وَجْهِهَا وَاسْتِقَامَتِهَا لِلْمُتَّقِينَ كَمَا ضَمِنَ هَذَا لِلْمُتَّقِينَ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُقَصِّرِينَ فِي طَاعَتِهِ مِنْ الْأُمَّةِ قَدْ يُؤَاخَذُونَ بِالْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمِنْ غَيْرِ نَسْخٍ بَعْدَ الرَّسُولِ لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ مِنْ التَّيْسِيرِ وَلِعَدَمِ عِلْمِ مَنْ عِنْدَهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِذَلِكَ؛ وَلِهَذَا يُوجَدُ كَثِيرٌ مِمَّنْ لَا يُصَلِّي فِي السَّفَرِ قَصْرًا يَرَى الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ حَرَامًا فَيَصُومُ فِي السَّفَرِ مَعَ الْمَشَقَّةِ الْعَظِيمَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا عُقُوبَةٌ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ فِي الطَّاعَةِ؛ لَكِنَّهُ مِمَّا يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ مِنْ خَطَايَاهُ مَا يُكَفِّرُهُ كَمَا يُكَفِّرُ خَطَايَا الْمُؤْمِنِينَ بِسَائِرِ مَصَائِبِ الدُّنْيَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute