كَمَا قَالَ: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ. وَقَدْ عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ وَالِاضْطِرَارِ أَنَّ جَمِيعَ الرُّسُلِ أَخْبَرُوا عَنْ اللَّهِ أَنَّهُ شَهِدَ وَيَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ بِقَوْلِهِ وَكَلَامِهِ؛ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ جِهَةِ كُلِّ مَنْ بَلَّغَ عَنْهُ كَلَامَهُ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} وَأَمَّا شَهَادَتُهُ بِفِعْلِهِ فَهُوَ مَا نَصَبَهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى وَحْدَانِيِّتِهِ الَّتِي تُعْلَمُ دَلَالَتُهَا بِالْعَقْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خَبَرٌ عَنْ اللَّهِ وَهَذَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَالدَّلَالَةِ وَالْإِرْشَادِ فَإِنَّ الدَّلِيلَ يُبَيِّنُ الْمَدْلُولَ عَلَيْهِ وَيُظْهِرُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُخْبِرِ بِهِ الشَّاهِدِ بِهِ كَمَا قِيلَ: سَلْ الْأَرْضَ مَنْ فَجَّرَ أَنْهَارَهَا وَغَرَسَ أَشْجَارَهَا وَأَخْرَجَ ثِمَارَهَا وَأَحْيَا نَبَاتَهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَوْضَحَ نَهَارَهَا؛ فَإِنْ لَمْ تُجِبْك حِوَارًا أَجَابَتْك اعْتِبَارًا. وَهُوَ سُبْحَانَهُ شَهِدَ بِمَا جَعَلَهَا دَالَّةً عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ دَلَالَتَهَا إنَّمَا هِيَ بِخَلْقِهِ لَهَا فَإِذَا كَانَتْ الْمَخْلُوقَاتُ دَالَّةً عَلَى أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَهُوَ سُبْحَانَهُ الَّذِي جَعَلَهَا دَالَّةً عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ دَلَالَتَهَا إنَّمَا هِيَ بِخَلْقِهِ وَبَيَّنَ ذَلِكَ؛ فَهُوَ الشَّاهِدُ الْمُبَيِّنُ بِهَا أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ الْفِعْلِيَّةُ ذَكَرَهَا طَائِفَةٌ. قَالَ ابْنُ كيسان: {شَهِدَ اللَّهُ} بِتَدْبِيرِهِ الْعَجِيبِ وَأُمُورِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute