وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فِي هَذَا أَيْضًا فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ - فِي الْآخِرَةِ - الْمُنْكِرُونَ الَّذِينَ قَالُوا نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا. وَهَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةُ يَقُولُونَ إنَّ الْعَارِفَ يَعْرِفُهُ فِي كُلِّ صُورَةٍ فَإِنَّ الَّذِينَ أَنْكَرُوهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَانَ لِقُصُورِ مَعْرِفَتِهِمْ. وَهَذَا جَهْلٌ مِنْهُمْ فَإِنَّ الَّذِينَ أَنْكَرُوهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ عَرَفُوهُ لَمَّا تَجَلَّى لَهُمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ هُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَكَانَ إنْكَارُهُمْ مِمَّا حَمِدَهُمْ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عَلَيْهِ فَإِنَّهُ امْتَحَنَهُمْ بِذَلِكَ حَتَّى لَا يَتَّبِعُوا غَيْرَ الرَّبِّ الَّذِي عَبَدُوهُ فَلِهَذَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ: {وَهُوَ يَسْأَلُهُمْ وَيُثَبِّتُهُمْ وَقَدْ نَادَى الْمُنَادِي: لِيَتَّبِعْ كُلُّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ} . ثُمَّ يُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةِ: إذَا كَانَ عِنْدَكُمْ هُوَ الظَّاهِرُ فِي كُلِّ صُورَةٍ فَهُوَ الْمُنْكَرُ وَهُوَ الْمُنْكَرُ كَمَا قَالَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ لِآخَرَ: مَنْ قَالَ لَك أَنَّ فِي الْكَوْنِ سِوَى اللَّهِ فَقَدْ كَذَبَ وَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: فَمَنْ هُوَ الَّذِي كَذَبَ؟ . وَذَكَرَ ابْنُ عَرَبِيٍّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى مُرِيدٍ لَهُ فِي الْخَلْوَةِ وَقَدْ جَاءَهُ الْغَائِطُ فَقَالَ: مَا أُبْصِرُ غَيْرَهُ أَبُولُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ شَيْخُهُ فَاَلَّذِي يَخْرُجُ مِنْ بَطْنِك مِنْ أَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فَرَّجْت عَنِّي. وَمَرَّ شَيْخَانِ مِنْهُمْ التلمساني هَذَا وَالشِّيرَازِيُّ عَلَى كَلْبٍ أَجْرَبَ مَيِّتٍ فَقَالَ الشِّيرَازِيُّ للتلمساني: هَذَا أَيْضًا مِنْ ذَاتِهِ؟ فَقَالَ التلمساني هَلْ ثَمَّ شَيْءٌ خَارِجٌ عَنْهَا؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute