الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَاجِزِينَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِسُورَةِ مِثْلِهِ وَمُحَمَّدٌ مِنْهُمْ عَلِمَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ اللَّهِ نَزَّلَهُ بِعِلْمِهِ لَمْ يُنَزِّلْهُ بِعِلْمِ مَخْلُوقِ فَمَا فِيهِ مِنْ الْخَبَرِ فَهُوَ خَبَرٌ عَنْ عِلْمِ اللَّهِ. وَقَوْلُهُ: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} لِأَنَّ فِيهِ مِنْ الْأَسْرَارِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا إلَّا اللَّهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهُ فَذِكْرُهُ ذَلِكَ يُسْتَدَلُّ بِهِ تَارَةً عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ مُنَزَّلٌ مِنْ اللَّهِ لَكِنْ تَضَمَّنَ مِنْ الْأَخْبَارِ عَنْ أَسْرَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالدُّنْيَا وَالْأَوَّلِينَ والآخرين وَسِرِّ الْغَيْبِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ. فَمِنْ هُنَا نَسْتَدِلُّ بِعِلْمِنَا بِصِدْقِ أَخْبَارِهِ أَنَّهُ مِنْ اللَّهِ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ تَعَالَى اسْتَدْلَلْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ خَبَرَهُ حَقٌّ وَإِذَا كَانَ خَبَرًا بِعِلْمِ اللَّهِ فَمَا فِيهِ مِنْ الْخَبَرِ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ وَأُمَمِهِمْ وَتَارَةً عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَا فِيهَا وَالْخَبَرُ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ لَا بُدَّ أَنْ نَعْلَمَ صِحَّتَهُ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ وَذَلِكَ كَإِخْبَارِهِ بالمستقبلات فَوَقَعَتْ كَمَا أَخْبَرَ وَكَإِخْبَارِهِ بِالْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ بِمَا يُوَافِقُ مَا عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّمٍ مِنْهُمْ وَإِخْبَارِهِ بِأُمُورِ هِيَ سِرٌّ عِنْدَ أَصْحَابِهَا كَمَا قَالَ: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} إلَى قَوْلِهِ: {نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} فَقَوْلُهُ: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} اسْتِدْلَالٌ بِأَخْبَارِهِ؛ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ تَكْذِيبًا لِمَنْ قَالَ هُوَ {إفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute