مِنْ إظْهَارِ السُّوءِ وَالْفَاحِشَةِ فَإِنَّ النُّفُوسَ إذَا سَمِعَتْ مِثْلَ هَذَا تَحَرَّكْت وَتَشَهَّتْ وَتَمَنَّتْ وتتيمت وَالْإِنْسَانُ مَتَى رَأَى أَوْ سَمِعَ أَوْ تَخَيَّلَ مَنْ يَفْعَلُ مَا يَشْتَهِيهِ كَانَ ذَلِكَ دَاعِيًا لَهُ إلَى الْفِعْلِ وَالنِّسَاءُ مَتَى رَأَيْنَ الْبَهَائِمَ تَنْزَوِ الذُّكُورَ مِنْهَا عَلَى الْإِنَاثِ مِلْنَ إلَى الْبَاءَةِ؛ وَالْمُجَامَعَةِ وَالرَّجُلُ إذَا سَمِعَ مَنْ يَفْعَلُ مَعَ المردان وَالنِّسَاءِ أَوْ رَأَى ذَلِكَ أَوْ تَخَيَّلَهُ فِي نَفْسِهِ دَعَاهُ ذَلِكَ إلَى الْفِعْلِ وَإِذَا ذَكَرَ الْإِنْسَانُ طَعَامًا اشْتَهَاهُ وَمَالَ إلَيْهِ وَإِنْ وَصَفَ لَهُ مَا يَشْتَهِيهِ مِنْ لِبَاسٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ مَسْكَنٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مَالَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ. وَالْغَرِيبُ عَنْ وَطَنِهِ مَتَى ذُكِّرَ بِالْوَطَنِ حَنَّ إلَيْهِ. فَكُلَّمَا كَانَ فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ مَحَبَّتُهُ إذَا تَصَوَّرَهُ تَحَرَّكَتْ الْمَحَبَّةُ وَالطَّلَبُ إلَى ذَلِكَ الْمَحْبُوبِ الْمَطْلُوبِ إمَّا إلَى وَصْفِهِ وَإِمَّا إلَى مُشَاهَدَتِهِ وَكِلَاهُمَا يَحْصُلُ بِهِ تَخَيُّلٌ فِي النَّفْسِ وَقَدْ يَحْصُلُ التَّخَيُّلُ بِالسَّمَاعِ وَالرُّؤْيَةِ أَوْ التَّفَكُّرِ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ؛ فَإِذَا تَخَيَّلَتْ النَّفْسُ تِلْكَ الْأُمُورَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهِ انْقَلَبَتْ إلَى تَخَيُّلَةٍ أُخْرَى فَتَحَرَّكَتْ دَاعِيَةُ الْمَحَبَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَحَبَّةُ مَحْمُودَةً أَوْ مَذْمُومَةً. وَلِهَذَا تَتَحَرَّكُ النُّفُوسُ إلَى الْحَجِّ إذَا ذُكِرَ الْحِجَازُ وَتَتَحَرَّكُ بِذِكْرِ الْأَبْرَقِ وَالْأَجْرَعِ وَالْعَلِيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رَأَى تِلْكَ الْمَنَازِلَ لَمَّا كَانَ ذَاهِبًا إلَى الْمَحْبُوبِ فَصَارَ ذِكْرُهَا يَذْكُرُ الْمَحْبُوبَ. وَكَذَلِكَ إذَا ذُكِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَذَكَّرَ بِهِ وَتَحَرَّكَتْ مَحَبَّتُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute