وَلِهَذَا وَغَيْرِهِ كَثَّرَ الْقِرَانُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّلَاةَ بِالْمَعْنَى الْعَامِّ تَتَضَمَّنُ كُلَّ مَا كَانَ ذِكْرًا لِلَّهِ أَوْ دُعَاءً لَهُ كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: مَا دُمْت تَذْكُرُ اللَّهَ فَأَنْتَ فِي صَلَاةٍ وَلَوْ كُنْت فِي السُّوقِ وَهَذَا الْمَعْنَى - وَهُوَ دُعَاءُ اللَّهِ أَيْ قَصْدُهُ وَالتَّوَجُّهُ إلَيْهِ الْمُتَضَمِّنُ ذِكْرَهُ عَلَى وَجْهِ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ - هُوَ حَقِيقَةُ الصَّلَاةِ الْمَوْجُودَةِ فِي جَمِيعِ مَوَارِدِ اسْمِ الصَّلَاةِ كَصَلَاةِ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ وَالْمُضْطَجِعِ. وَالْقَارِئِ وَالْأُمِّيِّ وَالنَّاطِقِ وَالْأَخْرَسِ وَإِنْ تَنَوَّعَتْ حَرَكَاتُهَا وَأَلْفَاظُهَا فَإِنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ الصَّلَاةِ عَلَى مَوَارِدِهَا هُوَ بِالتَّوَاطُؤِ الْمُنَافِي لِلِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. إذْ مِنْ النَّاسِ مَنْ ادَّعَى فِيهَا الِاشْتِرَاكَ وَمِنْهُمْ مَنْ ادَّعَى الْمَجَازَ بِنَاءً عَلَى كَوْنِهَا مَنْقُولَةً مِنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَوْ مَزِيدَةً أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؛ بَلْ اسْمُ الْجِنْسِ الْعَامِّ الْمُتَوَاطِئِ الْمُطْلَقِ إذَا دَلَّ عَلَى نَوْعٍ أَوْ عَيْنٍ كَقَوْلِك هَذَا الْإِنْسَانُ وَهَذَا الْحَيَوَانُ أَوْ قَوْلِك: هَاتِ الْحَيَوَانَ الَّذِي عِنْدَك وَهِيَ غَنَمٌ فَهُنَا اللَّفْظُ قَدْ دَلَّ عَلَى شَيْئَيْنِ: عَلَى الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكِ الْمَوْجُودِ فِي جَمِيعِ الْمَوَارِدِ وَعَلَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ هَذَا النَّوْعُ أَوْ الْعَيْنُ. فَاللَّفْظُ الْمُشْتَرَكُ الْمَوْجُودُ فِي جَمِيعِ التَّصَارِيفِ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَمَا قُرِنَ بِاللَّفْظِ مِنْ لَامِ التَّعْرِيفِ مَثَلًا أَوْ غَيْرِهَا دَلَّ عَلَى الْخُصُوصِ وَالتَّعْيِينِ وَكَمَا أَنَّ الْمَعْنَى الْكُلِّيَّ الْمُطْلَقَ لَا وُجُودَ لَهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute