وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِاعْتِقَادِ وَالْإِرَادَةِ يَسْتَلْزِمُ جِنْسَ الْآخَرِ؛ فَإِنَّ مَنْ تَخَيَّلَ أَنَّهُ عَظِيمٌ أَرَادَ مَا يَلِيقُ بِذَلِكَ الِاخْتِيَالِ وَمَنْ أَرَادَ الْعُلُوَّ فِي الْأَرْضِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَخَيَّلَ عَظَمَةَ نَفْسِهِ وَتَصْغِيرَ غَيْرِهِ حَتَّى يَطْلُبَ ذَلِكَ فَفِي الْإِرَادَةِ يَتَخَيَّلُهُ مَقْصُودًا وَفِي الِاعْتِقَادِ يَتَخَيَّلُهُ مَوْجُودًا وَيَطْلُبُ تَوَابِعَهُ مِنْ الْإِرَادَاتِ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْكِبَرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ} فَالْفَخْرُ يُشْبِهُ غَمْطَ النَّاسِ فَإِنَّ كِلَيْهِمَا تَكَبُّرٌ عَلَى النَّاسِ. وَأَمَّا بَطَرُ الْحَقِّ - وَهُوَ جَحْدُهُ وَدَفْعُهُ - فَيُشْبِهُ الِاخْتِيَالَ الْبَاطِلَ فَإِنَّهُ تَخَيَّلَ أَنَّ الْحَقَّ بَاطِلٌ بِجَحْدِهِ وَدَفْعِهِ. ثُمَّ هُنَا وَجْهَانِ: " أَحَدُهُمَا " أَنْ يَجْعَلَ الِاخْتِيَالَ وَبَطَرَ الْحَقِّ مِنْ بَابِ الِاعْتِقَادَاتِ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ الْحَقَّ بَاطِلًا وَالْبَاطِلَ حَقًّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَعْظِيمِ النَّفْسِ وَعُلُوِّ قَدْرِهَا فَيَجْحَدُ الْحَقَّ الَّذِي يُخَالِفُ هَوَاهَا وَعُلُوَّهَا وَيَتَخَيَّلُ الْبَاطِلَ الَّذِي يُوَافِقُ هَوَاهَا وَعُلُوَّهَا وَيَجْعَلُ الْفَخْرَ وَغَمْطَ النَّاسِ مِنْ بَابِ الْإِرَادَاتِ فَإِنَّ الْفَاخِرَ يُرِيدُ أَنْ يَرْفَعَ نَفْسَهُ وَيَضَعَ غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ غَامِطُ النَّاسِ. يُؤَيِّدُ هَذَا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ المجاشعي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute