مِنْهُ أَيْضًا وَجَزَاؤُهُ عَلَى الشُّكْرِ وَالْكُفْرِ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى مِثْلِهِ. فَإِذَا عَرَفَ أَنَّ {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} صَارَ تَوَكُّلُهُ وَرَجَاؤُهُ إلَى اللَّهِ وَحْدَهُ وَإِذَا عَرَفَ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الشُّكْرِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ صَارَ لَهُ. . . (١) وَالشَّرُّ انْحَصَرَ سَبَبُهُ فِي النَّفْسِ؛ فَعَلِمَ مِنْ أَيْنَ يُؤْتَى فَتَابَ وَاسْتَعَانَ بِاَللَّهِ كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: لَا يَرْجُوَنَّ عَبْدٌ إلَّا رَبَّهُ وَلَا يَخَافُ إلَّا ذَنْبَهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ السَّلَفِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ: أَنَّ مَا أَصَابَهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ مُطْلَقًا كَانَ بِذُنُوبِهِمْ لَمْ يُسْتَثْنَ أَحَدٌ وَهَذَا مِنْ فَوَائِدِ تَخْصِيصِ الْخِطَابِ؛ لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ ". التَّاسِعُ " أَنَّ السَّيِّئَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ النَّفْسِ وَالسَّيِّئَةُ خَبِيثَةٌ: كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ} الْآيَةَ. قَالَ جُمْهُورُ السَّلَفِ: الْكَلِمَاتُ {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ} وَقَالَ: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ} وَقَالَ: {إلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} وَالْأَقْوَالُ وَالْأَفْعَالُ صِفَاتٌ لِلْقَائِلِ الْفَاعِلِ فَإِذَا اتَّصَفَتْ النَّفْسُ بِالْخُبْثِ فَمَحَلُّهَا مَا يُنَاسِبُهَا فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ الْحَيَّاتِ يُعَاشِرْنَ النَّاسَ كَالسَّنَانِيرِ لَمْ يَصْلُحْ؛ بَلْ إذَا كَانَ فِي النَّفْسِ خُبْثٌ طَهُرَتْ حَتَّى
(١) بياض بالأصل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute