للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَكِنْ عَلَى هَذَا: فَلَيْسَتْ عِنْدَهُمْ كُلُّ الْحَسَنَاتِ مِنْ اللَّهِ. وَلَا كُلُّ السَّيِّئَاتِ. بَلْ بَعْضُ هَذَا وَبَعْضُ هَذَا. الثَّانِي: أَنَّهُ قَالَ {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} فَجَعَلَ الْحَسَنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَمَا جَعَلَ السَّيِّئَاتِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ فِي الْأَعْمَالِ. بَلْ فِي الْجَزَاءِ. وَقَوْلُهُ - بَعْدَ هَذَا - {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ} و {مِنْ سَيِّئَةٍ} مِثْلُ قَوْلِهِ {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ} وَقَوْلُهُ {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} . الثَّالِثُ: أَنَّ الْآيَةَ أُرِيدَ بِهَا: النِّعَمُ وَالْمَصَائِبُ. كَمَا تَقَدَّمَ. وَلَيْسَ لِلْقَدَرِيَّةِ الْمُجْبِرَةِ أَنْ تَحْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى نَفْيِ أَعْمَالِهِمْ الَّتِي اسْتَحَقُّوا بِهَا الْعِقَابَ. فَإِنَّ قَوْلَهُ {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} هُوَ النِّعَمُ وَالْمَصَائِبُ. وَلِأَنَّ قَوْلَهُ {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ. وَبَيَانُ أَنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ فَاعِلُ السَّيِّئَاتِ. وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا الْعِقَابَ. وَاَللَّهُ يُنْعِمُ عَلَيْهِ بِالْحَسَنَاتِ - عَمَلِهَا وَجَزَائِهَا - فَإِنَّهُ إذَا كَانَ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ حَسَنَةٍ فَهُوَ مِنْ اللَّهِ: فَالنِّعَمُ مِنْ اللَّهِ. سَوَاءٌ كَانَتْ ابْتِدَاءً أَوْ كَانَتْ جَزَاءً. وَإِذَا كَانَتْ جَزَاءً - وَهِيَ مِنْ اللَّهِ -: فَالْعَمَلُ الصَّالِحُ الَّذِي كَانَ سَبَبَهَا: هُوَ أَيْضًا مِنْ اللَّهِ. أَنْعَمَ بِهِمَا اللَّهُ عَلَى الْعَبْدِ. وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ هُوَ مِنْ نَفْسِهِ - كَمَا كَانَتْ السَّيِّئَاتُ مِنْ نَفْسِهِ - لَكَانَ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْإِلَهِيِّ: {عَنْ اللَّهِ يَا عِبَادِي إنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ