للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَوْلُهُ {الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} صِفَتَانِ لِمَوْصُوفِ وَاحِدٍ. فَكُلُّ مَنْ تَوَلَّاهُ فَهُوَ بِهِ مُشْرِكٌ، وَكُلُّ مَنْ أَشْرَكَ بِهِ فَقَدْ تَوَلَّاهُ. قَالَ تَعَالَى {أَلَمْ أَعْهَدْ إلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} {وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} . وَكُلُّ مَنْ عَبَدَ غَيْرَ اللَّهِ فَإِنَّمَا يَعْبُدُ الشَّيْطَانَ، وَإِنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ. وَقَالَ تَعَالَى {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} {قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} . وَلِهَذَا تَتَمَثَّلُ الشَّيَاطِينُ لِمَنْ يَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ وَيُخَاطِبُونَهُمْ فَيَظُنُّونَ أَنَّ الَّذِي خَاطَبَهُمْ مَلَكٌ أَوْ نَبِيٌّ، أَوْ وَلِيٌّ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ، جَعَلَ نَفْسَهُ مَلَكًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ، كَمَا يُصِيبُ عُبَّادُ الْكَوَاكِبِ وَأَصْحَابُ الْعَزَائِمِ وَالطَّلْسَمَاتِ. يُسَمُّونَ أَسَمَاءً، يَقُولُونَ: هِيَ أَسَمَاءُ الْمَلَائِكَةِ مِثْلَ منططرون وَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ أَسَمَاءُ الْجِنِّ. وَكَذَلِك الَّذِينَ يَدْعُونَ الْمَخْلُوقِينَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ قَدْ يَتَمَثَّلُ لِأَحَدِهِمْ مَنْ يُخَاطِبُهُ، فَيَظُنُّهُ النَّبِيُّ، أَوْ الصَّالِحُ الَّذِي دَعَاهُ. وَإِنَّمَا