لَمْ يَفْعَلْهُ، لِعِلْمِهِ بِأَنَّ هَذَا ضَرَرٌ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ. وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ هَذَا يَضُرُّهُ - كَالصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَالسَّاهِي وَالْغَافِلِ - فَقَدْ يَفْعَلُ ذَلِك. وَمَنْ أَقْدَمَ عَلَى مَا يَضُرُّهُ - مَعَ عِلْمِهِ بِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ - فَلِظَنِّهِ أَنَّ مَنْفَعَتَهُ رَاجِحَةٌ. فَإِمَّا أَنْ يَجْزِمَ بِضَرَرِ مَرْجُوحٍ، أَوْ يَظُنَّ أَنَّ الْخَيْرَ رَاجِحٌ. فَلَا بُدَّ مِنْ رُجْحَانِ الْخَيْرِ، إمَّا فِي الظَّنِّ وَإِمَّا فِي الْمَظْنُونِ، كَاَلَّذِي يَرْكَبُ الْبَحْرَ وَيُسَافِرُ الْأَسْفَارَ الْبَعِيدَةَ لِلرِّبْحِ. فَإِنَّهُ لَوْ جَزَمَ بِأَنَّهُ يَغْرَقُ أَوْ يَخْسِرُ لَمَا سَافَرَ، لَكِنَّهُ يَتَرَجَّحُ عِنْدَهُ السِّلَامَةُ وَالرِّبْحُ، وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا فِي هَذَا الظَّنِّ. وَكَذَلِك الذُّنُوبُ: إذَا جَزَمَ السَّارِقُ بِأَنَّهُ يُؤْخَذُ وَيُقْطَعُ، لَمْ يَسْرِقْ. وَكَذَلِك الزَّانِي: إذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ يُرْجَمُ، لَمْ يَزْنِ. وَالشَّارِبُ يَخْتَلِفُ حَالُهُ. فَقَدْ يُقَدَّمُ عَلَى جَلْدِ أَرْبَعِينَ وَثَمَانِينَ، وَيُدِيمُ الشُّرْبَ مَعَ ذَلِك. وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ: أَنَّ عُقُوبَةَ الشَّارِبِ غَيْرُ مَحْدُودَةٍ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ تَنْتَهِي إلَى الْقَتْلِ، إذَا لَمْ يَنْتَهِ إلَّا بِذَلِك. كَمَا جَاءَتْ بِذَلِك الْأَحَادِيثُ. كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَكَذَلِك الْعُقُوبَاتُ، مَتَى جَزَمَ طَالِبُ الذَّنْبِ بِأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute