للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَا أَنَّهُ إذَا قِيلَ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ يَسْفِكُونَ الدِّمَاءَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ: كَانَ هَذَا ذَمًّا لَهُمْ وَكَانَ بَاطِلًا. وَإِذَا قِيلَ: يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَيَقْتُلُونَ مَنْ مَنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ: كَانَ هَذَا مَدْحًا لَهُمْ وَكَانَ حَقًّا. فَإِذَا قِيلَ: إنَّ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَكِيمٌ رَحِيمٌ. أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَأَتْقَنَ مَا صَنَعَ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ الْوَالِدَةِ بِوَلَدِهَا. وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْهِ. وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْهِ. بَلْ لَا يَفْعَلُ إلَّا خَيْرًا. وَمَا خَلَقَهُ مِنْ أَلَمٍ لِبَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ أَوْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ الْمَذْمُومَةِ: فَلَهُ فِيهَا حِكْمَةٌ عَظِيمَةٌ وَنِعْمَةٌ جَسِيمَةٌ - كَانَ هَذَا حَقًّا. وَهُوَ مَدْحٌ لِلرَّبِّ وَثَنَاءٌ عَلَيْهِ. وَأَمَّا إذَا قِيلَ: إنَّهُ يَخْلُقُ الشَّرَّ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا مَنْفَعَةَ لِأَحَدِ. وَلَا لَهُ فِيهَا حِكْمَةٌ وَلَا رَحْمَةٌ. وَيُعَذِّبُ النَّاسَ بِلَا ذَنْبٍ: لَمْ يَكُنْ هَذَا مَدْحًا لِلرَّبِّ وَلَا ثَنَاءً عَلَيْهِ. بَلْ كَانَ بِالْعَكْسِ. وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَضَرُّ عَلَى خَلْقِهِ مِنْ إبْلِيسَ. وَبَسْطُ الْقَوْلِ فِي بَيَانِ فَسَادِ قَوْلِ هَؤُلَاءِ لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ. وَقَدْ بَيَّنَّا بَعْضَ مَا فِي خَلْقِ جَهَنَّمَ وَإِبْلِيسَ وَالسَّيِّئَاتِ: مِنْ الْحِكْمَةِ