للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُوَ خِلَافُ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} وَقَوْلِهِ {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} وَقَوْلِهِ {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} . كَيْفَ يَكُونُ ظَالِمًا؟ وَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ لَوْ أَسَاءَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ أَوْ قَصَّرَ فِي حَقِّهِ لَكَانَ يُؤَاخِذُهُ وَيُعَاقِبُهُ وَيَنْتَقِمُ مِنْهُ. وَيَكُونُ ذَلِكَ عَدْلًا إذَا لَمْ يَعْتَدِ عَلَيْهِ. ولو قَالَ: إنَّ الَّذِي فَعَلْته قَدَرٌ عَلَيَّ فَلَا ذَنْبَ لِي فِيهِ: لَمْ يَكُنْ هَذَا عُذْرًا لَهُ عِنْدَهُمْ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ. فَإِذَا كَانَ الْعُقَلَاءُ مُتَّفِقِينَ عَلَى أَنَّ حَقَّ الْمَخْلُوقِ لَا يَجُوزُ إسْقَاطُهُ احْتِجَاجًا بِالْقَدَرِ. فَكَيْفَ يَجُوزُ إسْقَاطُ حَقِّ الْخَالِقِ احْتِجَاجًا بِالْقَدَرِ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِي لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ. وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا. وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْه أَجْرًا عَظِيمًا. وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. فَقَوْلُهُ {أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ} يَقْتَضِي: أَنَّ حَمْدَ اللَّهِ أَحَقُّ مَا قَالَهُ الْعَبْدُ. فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. لِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ إلَّا الْخَيْرَ