للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّهُ إذَا عَرَفَ أَنَّ النِّعَمَ كُلَّهَا مِنْ اللَّهِ وَأَنَّهُ لَا مُقَدِّرَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا إلَّا اللَّهُ. فَلَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إلَّا هُوَ وَلَا يُذْهِبُ السَّيِّئَاتِ إلَّا هُوَ. وَأَنَّهُ {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} صَارَ تَوَكُّلُهُ وَرَجَاؤُهُ وَدُعَاؤُهُ لِلْخَالِقِ وَحْدَهُ. وَكَذَلِكَ إذَا عَلِمَ مَا يَسْتَحِقُّهُ اللَّهُ مِنْ الشُّكْرِ - الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُهُ - صَارَ عِلْمُهُ بِأَنَّ الْحَسَنَاتِ مِنْ اللَّهِ: يُوجِبُ لَهُ الصِّدْقَ فِي شُكْرِ اللَّهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ. وَلَوْ قِيلَ: إنَّهَا مِنْ نَفْسِهِ لَكَانَ غَلَطًا. لِأَنَّ مِنْهَا مَا لَيْسَ لِعَمَلِهِ فِيهِ مَدْخَلٌ. وَمَا كَانَ لِعَمَلِهِ فِيهِ مَدْخَلٌ: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُنْعِمُ بِهِ. فَإِنَّهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. وَلَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَى مِنْهُ إلَّا إلَيْهِ. وَعَلِمَ أَنَّ الشَّرَّ قَدْ انْحَصَرَ سَبَبُهُ فِي النَّفْسِ. فَضَبَطَ ذَلِكَ وَعَلِمَ مِنْ أَيْنَ يُؤْتَى. فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ مِمَّا فَعَلَ وَتَابَ. وَاسْتَعَانَ اللَّهَ وَاسْتَعَاذَ بِهِ مِمَّا لَمْ يَعْمَلْ بَعْدُ كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ " لَا يَرْجُوَنَّ عَبْدٌ إلَّا رَبَّهُ. وَلَا يَخَافَنَّ عَبْدٌ إلَّا ذَنْبَهُ ".