ضَرْبُهُ حَتَّى لَا تَنْكَسِرَ حُرْمَةُ الْخِلَافَةِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. فَلَمَّا ضَرَبُوهُ قَامَتْ الشَّنَاعَةُ عَلَيْهِمْ فِي الْعَامَّةِ وَخَافُوا الْفِتْنَةَ. فَأَطْلَقُوهُ. وَكَانَ أَحْمَد بْنُ أَبِي دؤاد قَدْ جَمَعَ لَهُ نفاة الصِّفَاتِ الْقَائِلِينَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ. فَجَمَعَ لَهُ مِثْلُ أَبِي عِيسَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بُرْغُوثٍ مِنْ أَكَابِرَ النجارية أَصْحَابِ حُسَيْنٍ النَّجَّارِ. وَأَئِمَّةُ السُّنَّةِ - كَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَد، وَإسْحَاقَ وَالْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِمْ - يُسَمُّونَ جَمِيعَ هَؤُلَاءِ: جهمية. وَصَارَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ - مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ - يَظُنُّونَ أَنَّ خُصُومَهُ كَانُوا الْمُعْتَزِلَةَ. وَيَظُنُّونَ أَنَّ بِشْرَ بْنَ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيَّ - وَإِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ قَبْلَ مِحْنَةِ أَحْمَد وَابْنِ أَبِي دؤاد وَنَحْوِهِمَا - كَانُوا مُعْتَزِلَةً. وَلَيْسَ كَذَلِكَ. بَلْ الْمُعْتَزِلَةُ كَانُوا نَوْعًا مِنْ جُمْلَةِ مَنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ. وَكَانَتْ الْجَهْمِيَّة أَتْبَاعَ جَهْمٍ والنجارية أَتْبَاعَ حُسَيْنٍ النَّجَّارِ والضرارية أَتْبَاعَ ضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو وَالْمُعْتَزِلَةُ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ. وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ جَهْمًا اُشْتُهِرَ عَنْهُ نَوْعَانِ مِنْ الْبِدْعَةِ. أَحَدُهُمَا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute