للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْجُنَيْد وَأَئِمَّةَ الدِّينِ فِي التَّوْحِيدِ. فَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ. وَهَؤُلَاءِ صَرَّحُوا بِعِبَادَةِ كُلِّ مَوْجُودٍ. كَمَا قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْوَحْدَةِ كَابْنِ عَرَبِيٍّ الْحَاتِمِيِّ وَابْنِ سَبْعِينَ والقونوي وَالتِّلْمِسَانِيّ والبلياني وَابْنِ الْفَارِضِ وَأَمْثَالِهِمْ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: الْكَلَامُ عَلَى مَنْ نَفَى الْحُكْمَ وَالْعَدْلَ وَالْأَسْبَابَ فِي الْقَدَرِ بَيْنَ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ الَّذِينَ وَافَقُوا جَهْمًا فِي هَذَا الْأَصْلِ. وَهُوَ بِدْعَتُهُ الثَّانِيَةُ الَّتِي اُشْتُهِرَتْ عَنْهُ بِخِلَافِ الْإِرْجَاءِ. فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى طَوَائِفَ غَيْرِهِ. فَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إنَّ الرَّبَّ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ كُلَّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ فِعْلُهُ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ حِكْمَةٍ وَلَا رَحْمَةٍ وَلَا عَدْلٍ. وَيَقُولُونَ: إنَّ مَشِيئَتَهُ هِيَ مَحَبَّتُهُ. وَلِهَذَا تَجِدُ مَنْ اتَّبَعَهُمْ: غَيْرَ مُعَظِّمٍ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ بَلْ هُوَ مُنْحَلٌّ عَنْ الْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ كُلِّهِ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ أَوْ مُتَكَلِّفٌ لِمَا يَعْتَقِدُهُ أَوْ يَعْلَمُهُ. فَإِنَّهُمْ أَرَادُوا: أَنَّ الْجَمِيعَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرَّبِّ سَوَاءٌ وَأَنَّ كُلَّ مَا شَاءَهُ فَقَدْ أَحَبَّهُ. وَأَنَّهُ يُحْدِثُ مَا يُحْدِثُهُ بِدُونِ أَسْبَابٍ يَخْلُقُهُ بِهَا وَلَا حِكْمَةٍ يَسُوقُهُ إلَيْهَا بَلْ غَايَتُهُ: أَنَّهُ يَسُوقُ الْمَقَادِيرَ إلَى الْمَوَاقِيتِ.