للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دَاعٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةِ لَيْسَ فِيهَا ظُلْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ: إلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إحْدَى خِصَالٍ ثَلَاثٍ: إمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ. وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَ لَهُ مِنْ الْخَيْرِ مِثْلَهَا. وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ الشَّرِّ مِثْلَهَا} . فَالدَّعْوَةُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا اعْتِدَاءٌ يَحْصُلُ بِهَا الْمَطْلُوبُ أَوْ مِثْلُهُ. وَهَذَا غَايَةُ الْإِجَابَةِ. فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ بِعَيْنِهِ قَدْ يَكُونُ مُمْتَنِعًا. أَوْ مُفْسِدًا لِلدَّاعِي أَوْ لِغَيْرِهِ. وَالدَّاعِي جَاهِلٌ لَا يَعْلَمُ مَا فِيهِ الْمَفْسَدَةُ عَلَيْهِ. وَالرَّبُّ قَرِيبٌ مُجِيبٌ. وَهُوَ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ الْوَالِدَةِ بِوَلَدِهَا. وَالْكَرِيمُ الرَّحِيمُ إذَا سُئِلَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلْعَبْدِ إعْطَاؤُهُ: أَعْطَاهُ نَظِيرَهُ كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ إذَا طَلَبَ مِنْهُ مَا لَيْسَ لَهُ. فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ مِنْ مَالِهِ نَظِيرَهُ. وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى. وَكَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا طَلَبَتْ مِنْهُ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي عَمِّهِ أَنْ يُوَلِّيَهُمْ وِلَايَةً لَا تَصْلُحُ لَهُمْ - فَأَعْطَاهُمْ مِنْ الْخُمُسِ مَا أَغْنَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَزَوَّجَهُمْ كَمَا فَعَلَ بِالْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ وَرَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ {لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنْ الدُّعَاءِ} وَهَذَا حَقٌّ.