للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَلْقِهِ بِالْعُبُودِيَّةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فَقَالَ تَعَالَى عَنْ خَاتَمِ رُسُلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَأَوْحَى إلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} وَكَذَلِكَ قَالَ فِي حَقِّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ {إنْ هُوَ إلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} وَقَالَ تَعَالَى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} - الْآيَةَ. فَالنَّصَارَى كُفَّارٌ بِقَوْلِهِمْ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ فِي عِيسَى بِمُفْرَدِهِ فَكَيْفَ بِمَنْ يَعْتَقِدُ هَذَا الِاعْتِقَادَ: تَارَةً فِي نَفْسِهِ وَتَارَةً فِي الصُّوَرِ الْحَسَنَةِ: مِنْ النِّسْوَانِ والمردان وَيَقُولُونَ: إنَّ هَذَا الِاعْتِقَادَ لَهُ سِرٌّ خَفِيٌّ وَبَاطِنٌ حَقٌّ وَإِنَّهُ مِنْ الْحَقَائِقِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إلَّا خَوَاصُّ خَوَاصِّ الْخَلْقِ. فَهَلْ فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ سِرٌّ خَفِيٌّ يَجِبُ عَلَى مَنْ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ أَنْ يَجْتَهِدَ عَلَى التَّمَسُّكِ بِهَا وَالْوُصُولِ إلَى حَقَائِقِهَا - كَمَا زَعَمَ هَؤُلَاءِ - أَمْ بَاطِنُهَا كَظَاهِرِهَا؟ وَهَذَا الِاعْتِقَادُ الْمَذْكُورُ هُوَ حَقِيقَةُ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ أَمْ هُوَ الْكُفْرُ بِعَيْنِهِ؟ . وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَّبِعَ فِي ذَلِكَ قَوْلَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَرَثَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ أَمْ يَقِفُ مَعَ قَوْلِ هَؤُلَاءِ الضَّالِّينَ الْمُضِلِّينَ؟ وَإِنَّ تَرْكَ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَوَافَقَ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ فَمَاذَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ لَهُ يَوْمَ الدِّينِ؟ . أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ الْكَرِيمُ.