للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ هُنَاكَ: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} فِي الشَّفَاعَةِ قَالَهُ تَكْذِيبًا لَهُمْ حَيْثُ قَالُوا {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ. وَكَذَلِكَ ذَكَرُوا الْقَوْلَيْنِ فِي قَوْلِهِ {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ} وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَنُبَيِّنُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِيهَا يَعُمُّ الطَّائِفَتَيْنِ وَأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ. وَمَعْنَى هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مِثْلُ مَعْنَى تِلْكَ الْآيَةِ. وَهُوَ يَعُمُّ النَّوْعَيْنِ. وَذَلِكَ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} و " الشَّفَاعَةُ " مَصْدَرُ شَفَعَ شَفَاعَةً. وَالْمَصْدَرُ يُضَافُ إلَى الْفَاعِلِ تَارَةً وَإِلَى مَحَلِّ الْفِعْلِ تَارَةً. وَيُمَاثِلُهُ الَّذِي يُسَمَّى لَفْظُهُ " الْمَفْعُولَ بِهِ " تَارَةً كَمَا يُقَالُ: أَعْجَبَنِي دَقُّ الثَّوْبِ وَدَقُّ الْقَصَّارِ. وَذَلِكَ مِثْلُ لَفْظِ " الْعِلْمِ " يُضَافُ تَارَةً إلَى الْعِلْمِ وَتَارَةً إلَى الْمَعْلُومِ. فَالْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} وَقَوْلِهِ {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} وَقَوْلِهِ {أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَالثَّانِي: كَقَوْلِهِ {إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} فَالسَّاعَةُ هُنَا: مَعْلُومَةٌ لَا عَالِمَةً. وَقَوْلِهِ حِينَ قَالَ فِرْعَوْنُ {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى}