للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّ الْحَرْفَ الْخَافِضَ إذَا حُذِفَ انْتَصَبَ الِاسْمُ. وَيَكُونُ عَلَى هَذَا يُقَالُ: شَفَعْته وَشَفَعْت لَهُ كَمَا يُقَالُ: نَصَحْته وَنَصَحْت لَهُ. و " شَفَعَ " أَيْ صَارَ شَفِيعًا لِلطَّالِبِ. أَيْ لَا يَشْفَعُونَ طَالِبًا وَلَا يُعِينُونَ طَالِبًا {إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أَنَّ اللَّهَ رَبُّهُمْ. وَرُوِيَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ قتادة {إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} الْمَلَائِكَةُ وَعِيسَى وَعُزَيْرٌ. أَيْ أَنَّهُمْ قَدْ عُبِدُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَهُمْ شَفَاعَةٌ عِنْدَ اللَّهِ وَمَنْزِلَةٌ. قُلْت: كِلَا الْقَوْلَيْنِ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ. لَكِنَّ التَّحْقِيقَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ. وَلَا يَمْلِكُ أَحَدٌ مِنْ دُونِ اللَّهِ الشَّفَاعَةَ مُطْلَقًا. لَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَحَدٌ عِنْدَ اللَّهِ. فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ: وَلَا يَشْفَعُ أَحَدٌ. وَلَا قَالَ: لَا يَشْفَعُ لِأَحَدِ بَلْ قَالَ {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ} وَكُلُّ مَنْ دُعِيَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُ الشَّفَاعَةَ أَلْبَتَّةَ. وَالشَّفَاعَةُ بِإِذْنِ لَيْسَتْ مُخْتَصَّةً بِمَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ؛ وَسَيِّدُ الشُّفَعَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعْبَدْ كَمَا عُبِدَ الْمَسِيحُ. وَهُوَ - مَعَ هَذَا - لَهُ شَفَاعَةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ. فَلَا يَحْسُنُ أَنْ تَثْبُتَ الشَّفَاعَةُ لِمَنْ دُعِيَ مِنْ دُونِ اللَّهِ دُونَ مَنْ لَمْ يُدْعَ.