للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّ هَذَا لَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْقُرْآنِ. وَاللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يُقَالَ: لَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ الشَّفَاعَةَ إلَّا بِإِذْنِهِ أَوْ لِمَنْ ارْتَضَى وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا يُقَالُ فِي هَذَا الْمَعْنَى " مِنْ دُونِهِ " فَإِنَّ الشَّفَاعَةَ هِيَ مِنْ عِنْدِهِ. فَكَيْفَ تَكُونُ مِنْ دُونِهِ؛ لَكِنْ قَدْ تَكُونُ بِإِذْنِهِ وَقَدْ تَكُونُ بِغَيْرِ إذْنِهِ. وَأَيْضًا فَإِذَا قِيلَ {الَّذِينَ يَدْعُونَ} مُطْلَقًا. دَخَلَ فِيهِ الرَّبُّ تَعَالَى. فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَدْعُونَ اللَّهَ وَيَدْعُونَ مَعَهُ غَيْرَهُ. وَلِهَذَا قَالَ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ} . وَالتَّقْدِيرُ الثَّالِثُ: لَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ مِنْ دُونِهِ وَهَذَا أَجْوَدُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ. لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا يُرَدُّ عَلَى الْأَوَّلِ. وَمِمَّا يُضْعِفُهُمَا: " أَنَّ الشَّفَاعَةَ " لَمْ تُذْكَرْ بَعْدَهَا صِلَةٌ لَهَا. بَلْ قَالَ {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ} فَنَفَى مُلْكَهُمْ الشَّفَاعَةَ مُطْلَقًا. وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. وَأَنَّ كُلَّ مَنْ دُعِيَ مِنْ دُونِ اللَّهِ: لَا يَمْلِكُ الشَّفَاعَةَ. فَإِنَّ الْمَالِكَ لِلشَّيْءِ: هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ. وَالرَّبُّ تَعَالَى لَا يَشْفَعُ أَحَدٌ عِنْدَهُ إلَّا بِإِذْنِهِ. فَلَا يَمْلِكُ أَحَدٌ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ الشَّفَاعَةَ بِحَالِ. وَلَا يُقَالُ فِي هَذَا " إلَّا بِإِذْنِهِ " إنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْفِعْلِ. فَيُقَالُ {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلَّا بِإِذْنِهِ} .