للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلَّا بِإِذْنِهِ} وَقَوْلِهِ {مَا مِنْ شَفِيعٍ إلَّا مِنْ بَعْدِ إذْنِهِ} .

فَمَنْ تَدَبَّرَ الْقُرْآنَ: تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَيُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا. لَيْسَ بِمُخْتَلِفِ وَلَا بِمُتَنَاقِضِ {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} . وَهُوَ " مَثَانِيَ " يُثَنِّي اللَّهُ فِيهِ الْأَقْسَامَ. وَيَسْتَوْفِيَهَا. وَالْحَقَائِقُ: إمَّا مُتَمَاثِلَةٌ. وَهِيَ " الْمُتَشَابِهُ " وَإِمَّا مُمَاثِلَةٌ. وَهِيَ: الْأَصْنَافُ وَالْأَقْسَامُ وَالْأَنْوَاعُ. وَهِيَ " الْمَثَانِي ". و " التَّثْنِيَةُ " يُرَادُ بِهَا: جِنْسُ التَّعْدِيدِ مِنْ غَيْرِ اقْتِصَارٍ عَلَى اثْنَيْنِ فَقَطْ. كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} يُرَادُ بِهِ: مُطْلَقُ الْعَدَدِ كَمَا تَقُولُ: قُلْت لَهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. تُرِيدُ: جِنْسَ الْعَدَدِ. وَتَقُولُ: هُوَ يَقُولُ كَذَا وَيَقُولُ كَذَا. وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ مَرَّاتٍ كَقَوْلِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّهُ جَعَلَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: رَبِّ اغْفِرْ لِي. رَبِّ اغْفِرْ لِي} لَمْ يُرِدْ: أَنَّ هَذَا قَالَهُ مَرَّتَيْنِ فَقَطْ كَمَا يَظُنُّهُ بَعْضُ النَّاسِ الغالطين. بَلْ يُرِيدُ: أَنَّهُ جَعَلَ يُثَنِّي هَذَا الْقَوْلَ وَيُرَدِّدَهُ وَيُكَرِّرَهُ كَمَا كَانَ يُثَنِّي لَفْظَ التَّسْبِيحِ.