فـ " الْمَثَانِي " تَعُمُّ هَذَا وَهَذَا. وَفَاتِحَةُ الْكِتَابِ: هِيَ " السَّبْعُ الْمَثَانِي " لِتَضَمُّنِهَا هَذَا وَهَذَا. وَبَسْطٌ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ قَوْلَهُ {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ} قَدْ تَمَّ الْكَلَامُ هُنَا. فَلَا يَمْلِكُ أَحَدٌ مِنْ الْمَعْبُودِينَ مِنْ دُونِ اللَّهِ الشَّفَاعَةَ أَلْبَتَّةَ. ثُمَّ اسْتَثْنَى {إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} فَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ. وَالْمُنْقَطِعُ يَكُونُ فِي الْمَعْنَى الْمُشْتَرِكِ بَيْنَ الْمَذْكُورِينَ. فَلَمَّا نَفَى مُلْكَهُمْ الشَّفَاعَةَ بَقِيَتْ الشَّفَاعَةُ بِلَا مَالِكٍ لَهَا. كَأَنَّهُ قَدْ قِيلَ: فَإِذَا لَمْ يَمْلِكُوهَا هَلْ يَشْفَعُونَ فِي أَحَدٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ {مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} . وَهَذَا يَتَنَاوَلُ الشَّافِعَ وَالْمَشْفُوعَ لَهُ. فَلَا يَشْفَعُ إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. فَالْمَلَائِكَةُ وَالْأَنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ - وَإِنْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ - لَكِنْ إذَا أَذِنَ الرَّبُّ لَهُمْ شَفَعُوا. وَهُمْ لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ إلَّا فِي الشَّفَاعَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. فَيَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. لَا يَشْفَعُونَ لِمَنْ قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ تَقْلِيدًا لِلْآبَاءِ وَالشُّيُوخِ. كَمَا جَاءَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: {إنَّ الرَّجُلَ يُسْأَلُ فِي قَبْرِهِ؟ مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى. وَأَمَّا الْمُرْتَابُ فَيَقُولُ: هاه هاه لَا أَدْرِي. سَمِعْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute