للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِمَّنْ ذَكَرَ ذَلِكَ: أَبُو بَكْرِ بْنُ فورك. فَإِنَّهُ قَالَ: مَعْنَاهُ: أَفَمِنْ نَفْسِك؟ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

ثُمَّ قَالُوا: تُحِبُّهَا؟ قُلْت: بَهْرًا … عَدَدَ الرَّمْلِ وَالْحَصَى وَالتُّرَابِ

قُلْت: وَإِضْمَارُ الِاسْتِفْهَامِ - إذَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ - لَا يَقْتَضِي جَوَازَ إضْمَارِهِ فِي الْخَبَرِ الْمَخْصُوصِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ. فَإِنَّ هَذَا يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ. وَيَسْتَلْزِمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْفِيَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ يُقَدِّرُ أَنْ يَنْفِيَهُ بِأَنْ يُقَدِّرَ فِي خَبَرِهِ اسْتِفْهَامًا. وَيَجْعَلَهُ اسْتِفْهَامَ إنْكَارٍ. وَهَذَا مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ نَظِيرُ مَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ " هَذَا رَبِّي " أَهَذَا رَبِّي؟ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: هَذَا الْقَوْلُ شَاذٌّ. لِأَنَّ حَرْفَ الِاسْتِفْهَامِ لَا يُضْمَرُ إذَا كَانَ فَارِقًا بَيْنَ الْإِخْبَارِ وَالِاسْتِخْبَارِ. وَهَؤُلَاءِ اسْتَشْهَدُوا بِقَوْلِهِ {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} . وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ. لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الِاسْتِفْهَامُ فِي أَوَّلِ الْجُمْلَةِ فِي الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِهِ ثَانِيَةً. بَلْ ذِكْرُهُ يُفْسِدُ الْكَلَامَ. وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ