للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} قَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: نَحْنُ وَأَنْتُمْ سَوَاءٌ حَتَّى نَزَلَتْ {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} الْآيَةَ. وَنَزَلَتْ فِيهِمْ أَيْضًا {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا} الْآيَةَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٌ قَالَ قَالَتْ قُرَيْشٌ: لَا نُبْعَثُ أَوْ لَا نُحَاسَبُ وَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا خِطَابٌ لِلْكُفَّارِ مِنْ الْأُمِّيِّينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُعَذَّبُونَ الْعَذَابَ الدَّائِمَ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ فِي النَّقْلِ وَأَظْهَرُ فِي الدَّلِيلِ؛ لِأَنَّ السُّورَةَ مَدَنِيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ فَالْخِطَابُ فِيهَا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ كَسَائِرِ السُّوَرِ الْمَدَنِيَّةِ. وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ قَدْ اسْتَفَاضَ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَيَّنَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مَصَائِبَ الدُّنْيَا مِنْ الْجَزَاءِ وَبِهَا يُجْزَى الْمُؤْمِنُ؛ فَعُلِمَ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ لَا مُجَرَّدَ الْكُفَّارِ. وَأَيْضًا قَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ