للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّبَتُّلَ مِنْ الصَّحَابَةِ مِثْلَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَاَلَّذِينَ اجْتَمَعُوا مَعَهُ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ {حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ لَا أُفْطِرُ. وَقَالَ الْآخَرُ: أَمَّا أَنَا فَأَقْوَمُ لَا أَنَامُ. وَقَالَ الْآخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَالَ الْآخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ اللَّحْمَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَآكُلُ اللَّحْمَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي} فَيُشْبِهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} فِيمَنْ حَرَّمَ الْحَلَالَ عَلَى نَفْسِهِ بِقَوْلِ أَوْ عَزْمٍ عَلَى تَرْكِهِ مِثْلُ الَّذِي قَالَ: لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَلَا آكُلُ اللَّحْمَ وَهِيَ الرَّهْبَانِيَّةُ الْمُبْتَدِعَةُ فَإِنَّ الرَّاهِبَ لَا يَنْكِحُ وَلَا يَذْبَحُ. وَقَوْلُهُ: {وَلَا تَعْتَدُوا} فِيمَنْ قَالَ: أَقْوَمُ لَا أَنَامُ وَقَالَ أَصُومُ لَا أُفْطِرُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِدَاءَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فَهَذَا مُجَاوِزٌ لِلْحَدِّ فِي الْعِبَادَةِ الْمَشْرُوعَةِ كَالْعُدْوَانِ فِي الدُّعَاءِ فِي قَوْلِهِ: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} . وقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ وَالطَّهُورِ} فَالِاعْتِدَاءُ فِي " الْعِبَادَاتِ وَفِي الْوَرَعِ " كَاَلَّذِينَ تَحَرَّجُوا مِنْ أَشْيَاءَ تَرَخَّصَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي " الزُّهْدِ " كَاَلَّذِينَ حَرَّمُوا الطَّيِّبَاتِ وَهَذَانِ الْقِسْمَانِ تَرَكَ فَقَوْلُهُ: " {وَلَا تَعْتَدُوا} " إمَّا أَنْ يَكُونَ مُخْتَصًّا بِجَانِبِ الْأَفْعَالِ الْعِبَادِيَّةِ وَإِمَّا أَنْ