إلَيْهِ فَذَكَرَ فِي كُلِّ آيَةٍ مَا هُوَ اللَّائِقُ بِهَا مِنْ الْخَوْفِ وَالطَّمَعِ فَتَبَارَكَ مَنْ أَنْزَلَ كَلَامَهُ شِفَاءً لِمَا فِي الصُّدُورِ. وقَوْله تَعَالَى {إنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} قِيلَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ فِي الدُّعَاءِ كَاَلَّذِي يَسْأَلُ مَا لَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ مَنَازِلِ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ {عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ عَنْ يَمِينِ الْجَنَّةِ إذَا دَخَلْتهَا فَقَالَ: يَا بُنَيَّ سَلْ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَتَعَوَّذْ بِهِ مِنْ النَّارِ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطُّهُورِ وَالدُّعَاءِ} وَعَلَى هَذَا فَالِاعْتِدَاءُ فِي الدُّعَاءِ تَارَةً بِأَنْ يَسْأَلَ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ سُؤَالُهُ مِنْ الْمَعُونَةِ عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ. وَتَارَةً يَسْأَلُ مَا لَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ مِثْلَ أَنْ يَسْأَلَ تَخْلِيدَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ يَسْأَلَهُ أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُ لَوَازِمَ الْبَشَرِيَّةِ: مِنْ الْحَاجَةِ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. وَيَسْأَلَهُ بِأَنْ يُطْلِعَهُ عَلَى غَيْبِهِ أَوْ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ الْمَعْصُومِينَ أَوْ يَهَبَ لَهُ وَلَدًا مِنْ غَيْرِ زَوْجَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا سُؤَالُهُ اعْتِدَاءٌ لَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَلَا يُحِبُّ سَائِلَهُ. وَفُسِّرَ الِاعْتِدَاءُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ أَيْضًا فِي الدُّعَاءِ. وَبَعْدُ: فَالْآيَةُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِنْ كَانَ الِاعْتِدَاءُ بِالدُّعَاءِ مُرَادًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute