للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّ الْجَهْرَ هُوَ الْإِظْهَارُ الشَّدِيدُ يُقَالُ: رَجُلٌ جَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ وَرَجُلٌ جَهِيرٌ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّ الدُّعَاءَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} وَقَالَ: {إذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} فَالْإِخْفَاءُ قَدْ يَكُونُ بِصَوْتِ يَسْمَعُهُ الْقَرِيبُ وَهُوَ الْمُنَاجَاةُ وَالْجَهْرُ مِثْلُ الْمُنَادَاةِ الْمُطْلَقَةِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَمَّا رَفَعَ أَصْحَابُهُ أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا إنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا إنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ} " وَنَظِيرُ قَوْلِهِ: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ} قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنْ رَبِّهِ " {مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْته فِي نَفْسِي. وَمَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْته فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُ} " وَهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ ذِكْرُهُ بِاللِّسَانِ فِي نَفْسِهِ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ قَسِيمَ الذِّكْرِ فِي الْمَلَأِ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: {وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ الْمَشْرُوعَ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجَ الصَّلَاةِ هُوَ بِاللِّسَانِ مَعَ الْقَلْبِ مِثْلَ صَلَاتَيْ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ وَالذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ عَقِبَ الصَّلَاتَيْنِ وَمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَّمَهُ وَفَعَلَهُ مِنْ الْأَذْكَارِ وَالْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ مِنْ عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ الْمَشْرُوعَةِ