وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الَّذِي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ إلَّا أَنَّهُ الرَّسُولُ وَيَذْكُرُ فِي الشَّاهِدِ عِدَّةَ أَقْوَالٍ. ثُمَّ مِنْ الْعَجَبِ أَنَّهُ يَقُولُ: {أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ} أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَهُوَ عَلَى مَا فَسَّرَهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُمْ ذِكْرٌ فَكَيْفَ يُشَارُ إلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: {يُؤْمِنُونَ بِهِ} وَأَبُو الْفَرَجِ ذَكَرَ قَوْلًا أَنَّهُمْ الْمُسْلِمُونَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْآيَةَ تَعُمُّ النَّبِيَّ وَالْمُؤْمِنِينَ وَلَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّهُمْ الْمُسْلِمُونَ قَالَ: وَهَذَا يُخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ الضِّحَاكِ فِي الْبَيِّنَةِ أَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي " الْبَيِّنَةِ " أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَنَّهَا الدِّينُ ذَكَرَهُ أَبُو صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ قَالَهُ الضَّحَّاكُ وَأَنَّهَا الْقُرْآنُ قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ وَأَنَّهَا الْبَيَانُ. قَالَهُ مُقَاتِلٌ. ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قُلْنَا: الْمُرَادُ مَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ الْمُسْلِمُونَ فَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ وَهُوَ الْبَيِّنَةُ وَيَتَّبِعُ هَذَا النَّبِيَّ شَاهِدٌ مِنْهُ يُصَدِّقُهُ وَالْمُسْلِمُونَ إذَا كَانُوا عَلَى بَيِّنَةٍ فَهِيَ الْإِيمَانُ بِالرَّسُولِ لَيْسَتْ الْبَيِّنَةُ ذَاتَ الرَّسُولِ وَالرَّسُولُ لَيْسَ هُوَ مَذْكُورًا فِي كَلَامِهِ فَقَوْلُهُ: {وَيَتْلُوهُ} لَا بُدَّ أَنْ يَعُودَ إلَى {مِنْهُ} (١) لَكِنْ إعَادَتُهُ إلَى الْبَيِّنَةِ أَوْلَى.
(١) في المطبوعة " من " والتصويب من التفسير الكبير لابن تيمية، تحقيق د. عبد الرحمن عميرة ٥/ ٣٢
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute