للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هُمْ أَطْوَعُ الْخَلْقِ لِلَّهِ وَأَعْظَمُ إيمَانًا بِمَا بُعِثُوا بِهِ بِخِلَافِ الْمَخْلُوقِ فَإِنَّهُ يُرْسِلُ مَنْ يَكْذِبُ عَلَيْهِ وَمَنْ يَعْصِيهِ وَمَنْ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَتِهِ وَالْخَالِقُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ. لَكِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالُوا هَذَا يُجَوِّزُونَ عَلَى الرَّبِّ أَنْ يُرْسِلَ كُلَّ أَحَدٍ بِكُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِي الْعَقْلِ عِنْدَهُمْ مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُنَزِّهُونَ الرُّسُلَ عَمَّا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَنْزِيهِهِمْ عَنْهُ عِنْدَهُمْ مِمَّا ثَبَتَ بِالسَّمْعِ لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ رَسُولًا كَمَا قَدْ بَسَطَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْأَصْلَ خَطَأٌ. وَلَمَّا كَانَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَمْرَانِ. فِي " الْأَوَّلِ " يُقَالُ: آمَنْت لَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} وَقَوْلُهُ: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} . وَفِي " الثَّانِي " يُقَالُ: آمَنْت بِاَللَّهِ فَعَلَيْنَا أَنْ نُؤْمِنَ لَهُ وَنُؤْمِنَ بِمَا جَاءَ بِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ هَذَيْنِ. فَذَكَرَ " أَوَّلًا " مَا يُثْبِتُ نُبُوَّتَهُ وَصِدْقَهُ بِقَوْلِهِ: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ} كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ.