للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ يُوسُفُ أَوَّلًا: {إنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} . قِيلَ: إنْ كَانَ مُرَادُهُ بِذَلِكَ سَيِّدَهُ: فَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَحْسَنَ إلَيَّ؛ وَأَكْرَمَنِي فَلَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَخُونَهُ فِي أَهْلِهِ فَإِنِّي أَكُونُ ظَالِمًا وَلَا يُفْلِحُ الظَّالِمُ؛ فَتَرَكَ خِيَانَتَهُ فِي أَهْلِهِ خَوْفًا مِنْ اللَّهِ لَا لِيَعْلَمَ هُوَ بِذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ: مُرَادُهُ تَأْتِي إظْهَارُ بَرَاءَتِي لِيَعْلَمَ الْعَزِيزُ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ فَالْمُعَلَّلُ إظْهَارُ بَرَاءَتِهِ لَا نَفْسَ عَفَافِهِ. قِيلَ: لَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ بِإِظْهَارِ بَرَاءَتِهِ مُجَرَّدَ عِلْمٍ وَاحِدٍ؛ بَلْ مُرَادُهُ عِلْمُ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِ. وَلِهَذَا قَالَ لِلرَّسُولِ: {ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} وَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْ قَوْلِ يُوسُفَ لَقَالَ: ذَلِكَ لِيَعْلَمُوا أَنِّي بَرِيءٌ وَأَنِّي مَظْلُومٌ. ثُمَّ هَذَا لَا يَلِيقُ أَنْ يُذْكَرَ عَنْ يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ وَحَصَلَ مَطْلُوبُهُ فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ لِتَحْصِيلِ ذَلِكَ. وَهُمْ قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ إنَّمَا تَأَخَّرَ لِتَظْهَرَ بَرَاءَتُهُ فَلَا يَحْتَاجُ مِثْلُ هَذَا أَنْ يَنْطِقَ بِهِ.