وَعَيْنُ الْأَحْكَامِ وَالْأَسْبَابِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِمَا الَّتِي هِيَ - مَثَلًا - الْمَحْبُوبُ وَالْمَكْرُوهُ هُوَ وَاحِدٌ بِالْعَيْنِ كَالرَّسُولِ الَّذِي يُحِبُّهُ كُلُّ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَهُمْ مُتَّحِدُونَ فِي مَحَبَّتِهِ بِمَعْنَى أَنَّ مَحْبُوبَهُمْ وَاحِدٌ وَمَحَبَّةُ هَذَا مِنْ نَوْعِ مَحَبَّتِهِ هَذَا؛ لَا أَنَّهَا عَيْنُهَا. فَهَذَا فِي اتِّحَادِ النَّاسِ بَعْضُهُمْ بِبَعْضِ وَهِيَ الْأُخُوَّةُ وَالْخُلَّةُ الْإِيمَانِيَّةُ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ} أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَجُعِلَ الْمُؤْمِنُ مَعَ الْمُؤْمِنِ بِمَنْزِلَةِ الْعُضْوِ مَعَ الْعُضْوِ اللَّذَيْنِ تَجْمَعُهُمَا نَفْسٌ وَاحِدَةٌ. وَلِهَذَا سَمَّى اللَّهُ الْأَخَ الْمُؤْمِنَ نَفْسًا لِأَخِيهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَالَ تَعَالَى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} وَقَالَ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} وَقَالَ: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} وَقَالَ: {فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} وَقَالَ: {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} . فَالْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ إذَا أَنَابَ إلَى رَبِّهِ وَعَبَدَهُ وَوَافَقَهُ حَتَّى صَارَ يُحِبُّ مَا يُحِبُّ رَبُّهُ وَيَكْرَهُ مَا يَكْرَهُ رَبُّهُ وَيَأْمُرُ بِمَا يَأْمُرُ بِهِ رَبُّهُ وَيَنْهَى عَمَّا يَنْهَى عَنْهُ رَبُّهُ وَيَرْضَى بِمَا يُرْضِي رَبَّهُ وَيَغْضَبُ لِمَا يَغْضَبُ لَهُ رَبُّهُ وَيُعْطِي مَنْ أَعْطَاهُ رَبُّهُ وَيَمْنَعُ مَنْ مَنَعَ رَبُّهُ فَهُوَ الْعَبْدُ الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أمامة: {مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute