للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الِاجْتِهَادِ؛ لَكِنْ لَا يُقِرُّونَ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَكَيْفَ فِي الْخَبَرِ؟ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَإِنَّمَا أَقْضِي بِنَحْوِ مِمَّا أَسْمَعُ فَأَحْسَبُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَمَنْ قَضَيْت لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ} فَنَفْسُ مَا يَعِدُ اللَّهُ بِهِ الْأَنْبِيَاءَ وَالْمُؤْمِنِينَ حَقًّا لَا يَمْتَرُونَ فِيهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ نُوحٍ {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ} إلَى آخِرِ الْآيَةِ. وَمِثْلُ هَذَا الظَّنِّ قَدْ يَكُونُ مِنْ إلْقَاءِ الشَّيْطَانِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} إلَى قَوْلِهِ: {صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَلِلنَّاسِ فِيهَا قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ؛ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ التَّمَنِّيَ هُوَ التِّلَاوَةُ وَالْقُرْآنُ كَمَا عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ مِنْ السَّلَفِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إلَّا يَظُنُّونَ} وَأَمَّا مَنْ أَوَّلَ النَّهْيَ عَلَى تَمَنِّي الْقَلْبِ فَذَاكَ فِيهِ كَلَامٌ آخَرُ؛ وَإِنْ قِيلَ: إنَّ الْآيَةَ تَعُمُّ النَّوْعَيْنِ؛ لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمَشْهُورُ فِي التَّفْسِيرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَمُرَادُ الْآيَةِ قَطْعًا لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} . وَهَذَا كُلُّهُ لَا يَكُونُ فِي مُجَرَّدِ الْقَلْبِ إذَا