وَذَلِكَ السَّكْرَانُ: يُطْوَى وَلَا يُرْوَى إذَا لَمْ يَكُنْ سُكْرُهُ بِسَبَبِ مَحْظُورٍ. فَأَمَّا إذَا كَانَ السَّبَبُ مَحْظُورًا: لَمْ يَكُنْ السَّكْرَانُ مَعْذُورًا وَأَمَّا أَهْلُ الْحُلُولِ: فَمِنْهُمْ مَنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ شُهُودُ الْقَلْبِ وَتَجَلِّيه حَتَّى يَتَوَهَّمَ أَنَّهُ رَأَى اللَّهَ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ. وَلِهَذَا ذَكَرَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ الْعِبَادِ الْأَصِحَّاءِ غَلَطًا مِنْهُمْ وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ النُّوَاسِ بْنِ سَمْعَانَ: {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ذَكَرَ الدَّجَّالَ وَدَعْوَاهُ الرُّبُوبِيَّةَ قَالَ: وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يَرَى رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ} وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ أُخْرَى مُتَعَدِّدَةٍ حَسَنَةٍ فِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ. فَإِنَّهُ لَمَّا ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُرْقَانَيْنِ ظَاهِرَيْنِ لِكُلِّ أَحَدٍ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَعْوَرُ وَاَللَّهُ لَيْسَ بِأَعْوَرَ الثَّانِي: أَنَّ أَحَدًا مِنَّا لَنْ يَرَى رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ وَهَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الدَّجَّالِ مَعَ كَوْنِهِ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ عَلَيْهِ مِنْ الْخَوَارِقِ الَّتِي تُقَوِّي الشُّبْهَةَ فِي قُلُوبِ الْعَامَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute