للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَيْنَ حَسَنَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَسَيِّئَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَقْرِنُ بَيْنَ الْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ بَيْنَ الْعَلَمِ الطَّيِّبِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ كَمَا يَقْرِنُ بَيْنَ ضِدَّيْهِمَا وَهُوَ " الضَّلَالُ " و " الْغَيُّ ": اتِّبَاعُ الظَّنِّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ. وَالْقَرِينَانِ مُتَلَازِمَانِ عِنْدَ الصِّحَّةِ وَالسَّلَامَةِ مِنْ الْمُعَارِضِ وَقَدْ يَتَخَلَّفُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ عِنْدَ الْمُعَارِضِ الرَّاجِحِ. فَلِهَذَا إذَا كَانَ فِي مَقَامِ الذَّمِّ وَالنَّهْيِ وَالِاسْتِعَاذَةِ كَانَ الذَّمُّ وَالنَّهْيُ لِكُلِّ مِنْهُمَا: مِنْ الضَّلَالِ وَالْغَيِّ: مِنْ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ: مِنْ الضَّلَالِ وَالْغَضَبِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَارَ مَكْرُوهًا مَطْلُوبَ الْعَدَمِ لَا سِيَّمَا وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْآخَرِ وَأَمَّا فِي مَقَامِ الْحَمْدِ وَالطَّلَبِ وَمِنَّةِ اللَّهِ فَقَدْ يُطْلَبُ أَحَدُهُمَا وَقَدْ يُطْلَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَقَدْ يُحْمَدُ أَحَدُهُمَا وَقَدْ يُحْمَدُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَيْرٌ مَطْلُوبٌ مَحْمُودٌ وَهُوَ سَبَبٌ لِحُصُولِ الْآخَرِ؛ لَكِنَّ كَمَالَ الصَّلَاحِ يَكُونُ بِوُجُودِهِمَا جَمِيعًا وَهَذَا قَدْ يَحْصُلُ لَهُ إذَا حَصَلَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُعَارِضْهُ مُعَارِضٌ وَالدَّاعِي لِلْخَلْقِ الْآمِرُ لَهُمْ يسلك بِذَلِكَ طَرِيقَ الرِّفْقِ وَاللِّينِ فَيَطْلُبُ أَحَدَهُمَا لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ سَبَبٌ لِلْآخَرِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ أَرْفَقُ مِنْ أَنْ يَأْمُرَ الْعَبْدَ بِهِمَا جَمِيعًا فَقَدْ يَثْقُلُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَالْأَمْرُ بِنَاءٌ وَالنَّهْيُ هَدْمٌ وَالْأَمْرُ هُوَ يُحَصِّلُ الْعَافِيَةَ بِتَنَاوُلِ الْأَدْوِيَةِ وَالنَّهْيُ مِنْ بَابِ الْحَمِيَّةِ وَالْبِنَاءُ وَالْعَافِيَةُ تَأْتِي شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَأَمَّا الْهَدْمُ فَهُوَ أَعْجَلُ وَالْحَمِيَّةُ أَعَمُّ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَحْصُلُ فِيهِمَا