للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَأْكِيدِ جُمْلَةِ الْجَزَاءِ قَوْله تَعَالَى {إنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} فَلَا يُقَالُ فِي هَذَا " إنَّ " أُعِيدَتْ لِطُولِ الْكَلَامِ وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {إنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} وَنَظِيرُهُ: {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فَهُمَا تَأْكِيدَانِ مَقْصُودَانِ لِمَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَلَا تَرَى تَأْكِيدَ قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} بـ " إنَّ " غَيْرَ تَأْكِيد {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} لَهُ بـ " أَنَّ " وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ بِهِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا} فَهَذَا لَيْسَ مِنْ التَّكْرَارِ فِي شَيْءٍ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُمْ خَبَرُ (كَانَ) قُدِّمَ عَلَى اسْمِهَا و " أَنَّ " قَالُوا: فِي تَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ وَهُوَ الِاسْمُ فَهُمَا اسْمُ كَانَ وَخَبَرُهَا وَالْمَعْنَى: وَمَا كَانَ لَهُمْ قَوْلٌ إلَّا قَوْلُ: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا} وَنَظِيرُ هَذَا قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلَّا أَنْ قَالُوا} وَالْجَوَابُ قَوْلٌ؛ وَتَقُولُ: مَا لِفُلَانِ قَوْلٌ إلَّا قَوْلُ: " لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ " فَلَا تَكْرَارَ أَصْلًا. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ